نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة جلد : 1 صفحه : 686
قال ولما كان في سنة خمس وثمانين وخمسمائة حيث لم يبق ببغداد من يأخذ بقلبي ويملأ عيني ويحل ما يشكل عليه دخلت الموصل فلم أجد فيها بغيتي لكن وجدت الكمال بن يونس جيدا في الرياضيات والفقه متطرفا من باقي أجزاء الحكمة قد استغرق عقله ووقته حب الكيمياء وعملها حتى صار يستخف بكل ما عداها واجتمع إلي جماعة كثيرة وعرضت علي مناصب فاخترت منها مدرسة ابن مهاجر المعلقة ودار الحديث التي تحتها وأقمت بالموصل سنة في اشتغال دائم متواصل ليلا ونهارا وزعم أهل الموصل أنهم لم يروا من أحد قبلي ما رأوا مني من سعة المحفوظ وسرعة وسكون الطائر وسمعت الناس يهرجون في حديث الشهاب السهروردي المتفلسف ويعتقدون أنه قد فاق الأولين والآخرين وأن تصانيفه فوق تصانيف القدماء فهممت لقصده ثم أدركني التوفيق فطلبت من ابن يونس شيئا من تصانيفه وكان أيضا معتقدا فيها فوقعت على التلويحات واللمحة والمعارج فصادفت فيها ما يدل على جهل أهل الزمان ووجدت لي تعاليق كثيرة لا أرتضيها هي خير من كلام هذا الأنوك وفي أثناء كلامه يثبت حروفا مقطعة يوهم بها أمثاله أنها أسرار إلهيه قال ولما دخلت دمشق وجدت فيها من أعيان بغداد والبلاد ممن جمعهم الإحسان الصلاحي جمعا كثيرا منهم جمال الدين عبد اللطيف ولد الشيخ أبي النجيب وجماعة بقيت من بيت رئيس الرؤساء وابن طلحة الكاتب وبيت ابن جهير وابن العطار المقتول الوزير وابن هبيرة الوزير واجتمعت بالكندي البغدادي النحوي وجرى بيننا مباحثات وكان شيخا بهيا ذكيا مثريا له جانب من السلطان لكنه كان معجبا بنفسه مؤذيا لجليسه وجرت بيننا مباحثات فأظهرني الله تعالى عليه في مسائل كثيرة ثم إني أهملت جانبه فكان يتأذى بإهمالي له أكثر مما يتأذى الناس منه وعملت بدمشق تصانيف جمة منها غريب الحديث الكبير جمعت فيه غريب أبي عبيد القاسم بن سلام وغريب ابن قتيبة وغريب الخطابي وكنت ابتدأت به في الموصل وعملت له مختصرا سميته المجرد وعملت كتاب الواضحة في إعراب الفاتحة نحو عشرين كراسا وكتاب الألف واللام وكتاب رب وكتابا في الذات والصفات الذاتية الجارية على السنة المتكلمين وقصدت بهذه المسألة الرد على الكندي ووجدت بدمشق الشيخ عبد الله بن نائلي نازلا بالماذنة الغربية وقد عكف عليه جماعة وتحزب الناس فيه حزبين له وعليه فكان الخطيب الدولعي عليه وكان من الأعيان له منزلة وناموس ثم خلط ابن نائلي على نفسه فأعان عدوه عليه وصار يتكلم في الكيمياء والفلسفة وكثر التشنيع عليه واجتمعت به فصار يسألني عن أعمال اعتقد أنها خسيسة نزرة فيعظمها ويحتفل بها ويكتبها مني
686
نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة جلد : 1 صفحه : 686