نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 71
وقال بعضهم : وزارني طيفك حتى إذا * أراد أن يمضي تعلَّقت به فليت ليلي لم يزل سرمدا * والصبح لم أنظر إلى كوكبه وشكا بعض المريدين إلى أستاذه طول سهره بالليل وأن السهر قد أضر به ثم قال : أخبرني بشيء أجتلب به النوم . فقال له أستاذه : يا بني أن لله نفحات في الليل والنهار تصيب القلوب المتيقظة وتخطئ بالقلوب النائمة فتعرض لتلك النفحات ففيها الخيرة . فقال : يا أستاذ تركتني لا أنام بالليل ولا بالنهار . وتذاكر قوم قصر الليل عليهم فقال بعضهم : أما أنا فإن الليل يزورني قائما ثم ينصرف قبل أن جلس . وقال علي بن بكار منذ أربعين سنة ما أحزنني شيء إلا طلوع الفجر وقال الفضيل بن عياض : إذا غربت الشمس فرحت بدخول الظلام لخلوتي فيه بربي ، فإذا طلع الفجر حزنت لدخول الناس علي . وقال أبو سليمان : أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ، ولو لا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا . وقال أيضا : لو عوض الله عزّ وجلّ أهل الليل من ثواب أعمالهم ما يجدونه في قلوبهم من اللذة لكان ذلك أكبر من أعمالهم وقال بعض العلماء : ليس في الدنيا وقت يشبه نعيم أهل الجنة إلا ما يجده أهل التملَّق في قلوبهم بالليل من حلاوة المناجاة . وقال بعضهم : قيام الليل والتملَّق للحبيب والمناجاة للقريب في الدنيا ليس من الدنيا هو من الجنة أظهر لأهل الله تعالى في الدنيا ، لا يعرفه إلا هم ، ولا يجده سواهم روحا لقلوبهم . وقال عتبة الغلام : كابدت الليل عشرين سنة . ثم تنعمت به عشرين سنة وقال يوسف بن أسباط : قيام ليلة أسهل علي من عمل قفة وكان يعمل كل يوم عشر قفاف . وقال غيره : ما رأيت أعجب من الليل إذا اضطربت تحته غلبك ، وإن ثبت له لم يقف . وبكى عامر بن عبد الله حين حضرته الوفاة فقيل له ذلك فقال : والله ما أبكي حبا للبقاء ولكن ذكرت ظمأ الهواجر في الصيف وقيام الليل في الشتاء . وقال ابن المنكدر : ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث : قيام الليل ، ولقاء الإخوان ، والصلاة في جماعة . وقال بعض العارفين : إن الله عزّ وجلّ ينظر بالأسحار إلى قلوب المتيقظين فيملؤها أنوارا فترد الفوائد على قلوبهم فتستنير ثم تنشر من قلوبهم العوافي إلى قلوب الغافلين . وقال بعض العلماء : إن الله عزّ وجلّ ينظر إلى الجنان عند السحر نظرة فتشرق وتضئ وتهتز وتربو وتزداد جمالا وحسنا وطيبا ألف ألف ضعف في جميع معانيها . ثم تقول : قد أفلح المؤمنون فيقول الله عزّ وجلّ : هنيئا لك منازل الملوك ! وعزتي وجلالي
71
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 71