نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 49
اثني عشر جزءا من ساعة عرف زوالها علماء المؤذنين وأصحاب مراعاة الأوقات فإذا زالت ثلاث شعيرات فهو الزوال السابع ، وهو ربع ساعة عرف الناس كلهم زوالها ، وعند هذا الوقت صلاة الكافة وهو أوسط الوقت وأوسعه ، وذلك واسع برخصة الله سبحانه وتعالى ورحمته ، وهذا كله لبعد منصب السماء ولاستواء تقويم صنعتها في الأفق الأعلى ولإتقان صنعتها في الجو المتخرق علوا وفي الأقطار المتسعة المستديرة استواء ومتناسبا . وقد يروى في الخبر أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم سأل جبريل عليه السلام فقال : هل زالت الشمس ؟ فقال : لا نعم . فقال : كيف هذا فقال بين قولي لك لا نعم قطعت في الفلك خمسين ألف فرسخ فكان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم سأله عن زوالها على علم الله سبحانه وتعالى به . وقد قال بعض الفلاسفة إن السماء تدور كما تدور الرحى فتدير الأفلاك بدورانها على القطب ولكن لا يرى ذلك منها لبعدها وعلوها وتقويم استدارتها . وقد ذكره بعض العلماء من السلف فتبارك الله أحسن الخالقين وذكر بعض العارفين أعجب من هذا وألطف من قدرة الله عزّ وجلّ وخفي صنعه ذكر أن الليل والنهار أربعة وعشرون ساعة وإن الساعة اثنتا عشرة دقيقة كل دقيقة اثنتا عشرة شعيرة وكل شعيرة أربعة وعشرون نفسا فتظهر الأنفاس من خزانة الجسم فتنشئ الشعائر وتنشأ الشعائر فتظهر الدقائق فتنتج الساعات وتتحرك الساعات فتدير الأفلاك وتدور الأفلاك فتنشر الليل والنهار في الجو والأقطار وينشر الليل والنهار فتدير السماء في الآفاق وينعقد الحسبان بالتفصيل فإذا خفي الإحساس انقطعت الأنفاس فانفكت الأفلاك فعندها تنتشر النجوم وتنشق السماء وتخرب الديار وتظهر دار القرار فسبحان الله ألطف الصانعين وأقهر القادرين وقد قال سبحانه وتعالى : * ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) * [ التكوير : 1 - 2 ] . وقال سبحانه وتعالى : * ( يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً ) * [ الطور : 9 ] . يعني تدور دورا فسبحان اللطيف الحكيم أدار تلك الأفلاك الكثاف بهذه الأنفاس اللطاف كما حجب الفلك الكثيف بستر الفضاء اللطيف ، فالفلك العظيم لا يحجب السماء والفضاء الرقيق يحجب الفلك ، لأنه أراد سبحانه وتعالى أن يرينا السماء وأحب أن يخفي عنا الفلك فلم نر إلا ما أرانا . فالعبد هو سبب لذلك ومحرك لذلك ولا يشعر بذلك فمداره أنفاسه وأنفاسه ساعاته وساعاته عمره وعمره أجله وأجله آخرته وهو في غفلة بدنياه وفي لعب بما يهواه ، فإن نظرت إلى السماء رأيتها تنشئ الأنفاس وإن نظرت إلى الأنفاس ، رأيتها تدير الأفلاك ، وإن نظرت إلى فوق الفوق عميت عما سواه ، فلا إله إلا هو رب العرش العظيم : * ( صُنْعَ الله الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) * [ النمل : 88 ] إن ربي لطيف لما يشاء . : * ( سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ ) * [ فصلت : 53 ] ، : * ( وفي الأَرْضِ آياتٌ
49
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 49