نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 456
ورأى على باب عائشة رضي الله عنها سترا فهتكه وقال : كلما رأيته ذكرت الدنيا : أرسلي به إلى آل فلان . وفرشت له عائشة رضي الله عنها ذات ليلة فراشا جديدا وكان ينام على عباءة مثنية ، فما زال يتقلَّب ليلته فلما أصبح قال : أعيدي العباءة الخلقة ونحّي هذا الفراش عني قد أسهرني الليلة . وكذلك أتته دنانير خمسة أو ستة عشاء فبيتها فسهر ليلته حتى أخرجها من آخر الليل . قالت عائشة : فنام حينئذ حتى سمعت غطيطه ثم قال : ما ظنّ محمد بربه لو لقي الله تعالى وهذه عنده ، وكان شراك نعله العربيّ قد أخلق فأبدل بسير جديد ، فصلَّى فيه فلما سلم قال : أعيدوا الشراك الخلق وانزعوا هذا الجديد فإني نظرت إليه في الصلاة ولبس خاتما فنظر إليه وهو على المنبر بنظرة فرمى به وقال : شغلني هذا عنكم نظرة إليه ونظرة إليكم . وقد قال تعالى : * ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله ) * [ آل عمران : 31 ] وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : من أحبني فليستن بسنتي . وقال في الخبر المشهور : عليكم بسنتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ . وقد كان أبو محمد سهل رحمه الله يقول : من علامة حبّ الله تعالى حبّ النبي عليه السلام ، ومن علامة حبّ النبي صلَّى الله عليه وسلم حبّ السنة ومن علامة حبّ السنّة بغض الدنيا ، وعلامة بغضها أن لا يأخذ منها إلا زادا وبغلة . وقال النبي صلَّى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : إن أردت اللحوق بي فإياك ومجالسة الأغنياء ولا تنزعي ثوبا حتى ترقعيه . وكان صلَّى الله عليه وسلم قد احتذى نعلين جديدتين فأعجبه حسنهما فخرّ ساجدا وقال : أعجبني حسنهما فتواضعت لربي خشية أن يمقتني . ثم خرج بهم فدفعهما إلى أول مسكين رآه وأمر عليّا رضي الله عنه فاحتذى له نعلين سنديتين قال : فرأيته وقد لبسهما يعني جرداوين أي معطوفتين وقال صلَّى الله عليه وسلم : إن أقرب الناس مني مجلسا يوم القيامة من كان على مثل ما أنا عليه من الدنيا . وكان صلَّى الله عليه وسلم يقول : اللَّهم اجعل رزق آل محمد قوتا . وقال عليه السلام : لا يعذّب الله عبدا جعل رزقه في الدنيا قوت يوم بيوم . وقال عليه السلام : طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان رزقه في الدنيا قوتا وقنع به . وفي لفظ آخر : وصبر عليه . وقال عليه السلام : أحد غنيّ ولا فقير إلا ودّ يوم القيامة أن رزقه كان في الدنيا قوتا . وروينا عنه صلَّى الله عليه وسلم : اللَّهم من أحبّني وأجاب دعوتي فأقلل ماله وولده . من أبغضني ولم يجب دعوتي فأكثر ماله وولده وأوطئ عقبيه كثرة الأتباع ، وكانت هذه دعوة الصحابة على من مقتوه . وروينا في الخبر : نقصان الدنيا زيادة الآخرة وزيادة الدنيا نقصان الآخرة وفي الأثر : ما من أحد أعطي من الدنيا شيئا إلا نقص من درجته وإن كان على الله تعالى كريما .
456
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 456