نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 340
عذبه وإن شاء عفا عنه . وكما قال ابن عباس رضي الله عنه : يغفر لمن يشاء الذنب العظيم ويعذّب من يشاء على الذنب الصغير . وقد قال الله تعالى : * ( إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به ويَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) * [ النساء : 48 ] . فلم يجد للمغفرة ذنبا غير الشرك وترك المسلمين مع سائر الذنوب في مشيئته فقد يحتج محتج بالخبر المأثور في ترك قبول توبة المبتدع إن الله تعالى احتجر التوبة على كل صاحب بدعة فهذا مخصوص لمن لم يتب ممّن حكم عليه بدرك الشقاء . ألا ترى أنه لم يقل إن الله تعالى احتجر قبول التوبة عمّن تاب إنما أخبر عن حكم الله تعالى فيمن لم يتب بأن الله تعالى حجب التوبة عنه . فهكذا نقول أيضا : إن القاتل إذا كان قد سبق له سوء الخاتمة بأنه يموت على غير توحيد . وكذلك المبتدع إن جعل اسمه في أصحاب النار ثم كان القتل والبدعة علامة ذلك وسببه أنهما جميعا ممنوعان من التوبة فإنها محتجرة عنهما . سورة وكذلك القول فيمن حقت عليه كلمة العذاب بسبق سوء الخاتمة فلو أنه تاب سبعين توبة لم تنقذه من النار وليست توبته بأكثر من قوله صلَّى الله عليه وسلم : إن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة سبعين سنة حتى يقول الناس : إنه من أهلها ولا يبقى بينه وبينها إلا شبر ثم يدركه الشقاء . وفي لفظ آخر : ثم يسبق عليه الكتاب بعمل أهل النار فيدخلها فقد دخلت التوبات في صالح أعماله الحسنات ثم أحبطها عنه في جملة عمله بسبق الكتاب بالشقاء له . وأما من لم يسبق له سوء الخاتمة ووهب له التوبة النصوح ولم يدركه الشقاء فإنها لم تحتجر عنه وإن الله تعالى يعفو عنه بما وهب له من التوبة كقوله تعالى في المنافقين : * ( إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ) * [ التوبة : 106 ] . وليس النفاق دون البدعة ولا كل المنافقين تاب عليهم ولا جميعهم ختم لهم به . ولعموم قوله تعالى : * ( فَتابَ عَلَيْكُمْ وعَفا عَنْكُمْ ) * [ البقرة : 187 ] . فهذا مجمل فيمن تاب والخبر مخصوص فيمن لم يتب ، ولقوله تعالى : * ( ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ) * [ التوبة : 118 ] ، ولقوله تعالى : * ( عَسَى الله أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ ) * [ التوبة : 102 ] . ثم إن الناس في التوبة على أربعة أقسام ، في كل قسم طائفة ، لكل طائفة مقام . منهم : تائب من الذنب مستقيم على التوبة والإنابة لا يحدث نفسه بالعود إلى معصية أيام حياته مستبدل بعمل سيئاته صالح حسناته ، فهذا هو السابق بالخيرات وهذه هي التوبة النصوح ونفس هذا المطمئنة المرضية . والخبر المروي في مثل هذا سيروا سبق المفردون المستهترون بذكر الله وضع الذكر أوزارهم فوردوا القيامة خفافا والذي يلي هذا في القرب عبد عقده التوبة ونيّته الاستقامة لا يسعى في ذنب ولا يقصده ولا ينجوه ولا يهتم به وقد يبتلي بدخول الخطايا عليه عن غير قصد منه ويمتحن بالهم
340
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 340