نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 305
وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : يظهر المنكر والبدع حتى إذا غيّر منها شيء قيل غيّرت السنّة وقال في آخر حديثه : أكيسهم في ذلك الزمان الذي يروغ بدينه روغان الثعالب . وقد كان أنس بن مالك رضي الله عنه في سنة ثمانين وأيام الحجاج يقول : ما أعرف اليوم شيئا كان على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلا قد غيّر إلا شهادة أن لا إله إلا الله قيل : فالصلاة يا أبا حمزة قال : أو ليس قد أحدثوا في الصلاة ما علمتم يعني تأخيرها والتثويب قبلها وتعين السلام حتى أنهم يضاهون به الإقامة فجعلوه كالسنّة . وكان يقول للقراء إذا دخلوا عليه مثل يزيد الرقاشي وزيد النميري وفرقد السنجي : ما أشبهكم بأصحاب محمد صلَّى الله عليه وسلَّم فيفرحون فيقول نعم رؤسكم ولحاكم فهذا كما قال المجنون : أما الخيام فإنها كخيامهم * وأرى نساء الحي غير نسائها وعن جماعة من الصحابة : لو نشر أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ورأوكم لما عرفوا شيئا مما أنتم عليه الآن إلا الصلاة في جماعة . وفي لفظ آخر : إلا أنكم تصلَّون جميعا . وكان الحسن يقول : صحبت طوائف لو رأيتموهم لقلتم مجانين ولو رأوا خياركم لقالوا ما لهؤلاء من خلاق . وقال أبو حازم : أدركت القرّاء وهم القرّاء حقا ولو كان حامل القرآن في مائة رجل لعرف بشدة تواضعه وحسن سمته وخشوعه وقد وقره القرآن في سمته وقد خضعه القرآن وأخشعه . فأما هؤلاء فو الله ما هم بالقرّاء ولكنهم الجراء . وقد قال بعضهم : كنا نشهد الجنازة فلا نعرف صاحب المصيبة ولا ندري من نعزي من شدة حزن القوم قال : وكان أحدهم يبقى بعد شهود الجنازة ثلاثا لا ينتفع به . وكان الفضيل رحمه الله يحذّر من قرّاء زمانه فقال : إياك وصحبة هؤلاء القرّاء فإنك إن خالفتهم في شيء كفروك ، وقال سفيان الثوري رحمه الله ما شيء أحبّ إليّ من صحبة فتى ولا شيء أبغض إليّ من صحبة قارئ . وكان كثيرا يقول : من لم يحسن يتغنّى لم يحسن يتقرّى . وكان بشر بن الحارث يقول : لأن أصحب فتى أحبّ إليّ من أن أصحب قارئا فإياك وصحبة القرّاء فإنهم يذمّون غير مذموم وإن تركت الصلاة معهم في جماعة تشاهدوا عليك . كل ذلك لأنهم يجاوزون الحد في الشيء ويسرعون الإنكار إلى كل شيء لغلبة الجهل عليهم وقلة مجالستهم للعلماء ومعاناتهم للعلم وإنهم موصوفون بدقائق الرياء والتصنع للعامة فينكرون غير منكر ويتعصبون بالبغضة والهجر في الشيء اليسير الذي قد يغتفر مثله وهم غير موصوفين بمحاسن الأخلاق ولا موسومين بالبشاشة والانطلاق إذ فيهم كزازة وتغليظ على الناس ولزازة وحنق على الأغنياء حتى كأنهم يأكلون أرزاقهم وكأنهم يعملون العبادة لهم وفيهم كثرة مقت لأهل البشر والطلاقة . فلذلك قال بعضهم : الشريف إذا تقرّى تواضع
305
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 305