نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 303
إلى أميركم يعظ الناس وعليه ثياب الفسّاق . ولما جاء عبد الله بن عامر بن ربيعة في بزته إلى أبي ذر رضي الله عنه وسأله عن الزهد وأخذ يتكلم فيه فجعل أبو ذر يضرط به في كفه ثم أعرض عنه ولم يكلمه . فغضب ابن عامر وكان قرشيا شريفا وشكاه إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال له : أنت فعلت نفسك تأتي أبا ذر في هذه الثياب وتسأله عن الزهد . وفي الخبر عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : وقد وصف نساء يكن في آخر الزمان فقال : كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤسهن أمثال أسنمة البقر يعني المعاجر والأكوار لا يجدن رائحة الجنة . كان ابن عباس يفسر التبرّج أنه منه لبس ما رقّ من الثياب وقال في قوله تعالى : * ( ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الأُولى ) * [ الأحزاب : 33 ] . قال : كانت المرأة تلبس ثيابا قيمتها كذا وكذا لا توارى لها عورة مما لا يجوز فيه الصلاة لأنه يصف أو يشف فمكروه لبسه وإنما كانت ثياب السلف السنبلاني والقطواني وعصب اليمن ومعافري مصر والقباي مثل كسوة الكعبة والثياب السحولية اليمانية والكرابيس الحضرمية ، وهذه كلها غلاظ كثيفة . وكانت الأثمان من خمسة دراهم إلى ثلاثين درهما وما بين ذلك . ثم أحدث الناس الثياب الرقاق من كتان مصر وقطن خراسان . وكان طول مئزر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أربعة أذرع ونصفا وثمنه إلى الأربعة والخمسة . وكانت أثمان ثيابهم القمص من الخمسة إلى العشرة فيما بينهما من الثمن . ولكن قد جاء في الخبر : لا تقوم الساعة حتى يصير المعروف منكرا والمنكر معروفا . وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول : لا يأتي على الناس عام إلا أماتوا فيه سنّة وأحيوا فيه بدعة حتى تموت السنن وتحيا البدع وإنما قيل منكر لأنه لا يعرف . فإذا خفي الحق فلم يعرف وقع عليه اسم منكر . وكذلك قيل معروف لأنه مشهور مألوف . فإذا فشا الباطل وكثر الجهل حتى ألف وعرف وقع عليه اسم المعروف . وكذلك قيل : يكثر الجور حتى يولد فيه من لا يعرف العدل . وكان الشعبي رحمه الله يقول : يأتي على الناس زمان يصلون فيه على الحجاج وهذا قد أتى منذ زمان لأن الحجاج قد ابتدع أشياء أنكرها الناس عليه في زمانه هي اليوم سنن معروفة وأعمال مستحسنة يترحم الناس ويغبطن من أحدثها ويحسبون أنه مأجور عليها مشكور له سعيه فيها إلا أنهم لا يعرفون أنه أحدثها فهم وإن لم يفوهوا بالصلاة عليه قولا فإن استعمالهم لما أحدث واستحسانهم لما ابتدع ترحم منهم عليه ، والترحم هو الصلاة . وأيضا فإنه ابتدع أشياء من الخير وداخله في أبواب الآخرة ثم ظهرت ولاة بعده أحدثوا أحداثا من الجور وابتدعوا بدعا من الفسوق فصارت سننا بعدهم فوجب بذلك الصلاة على الحجاج إلى جنب ما أظهر بعده فممّا أحدث هذه المحامل والقباب التي
303
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 303