نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 295
ومرّ بعض السلف بقاصّ يدعو يسجع في دعائه ويتعمق فقال له : ويلك على الله تبالغ . أشهد لقد رأيت حبيبا العجمي يدعو وما يزيد على قوله : اللَّهم اجعلنا جيدين . اللَّهم لا تفضحنا يوم القيامة . اللَّهم وفّقنا للخير . قال : والناس يبكون من كل ناحية وكنا نتعرف إجابة دعائه وبركته . وكان أبو يزيد البسطامي يقول : سله بلسان الحاجة لا بلسان الحكمة . وقال الحسن : ادع بلسان الاستكانة والافتقار لا بالفصاحة والانطلاق . ومما أحدثوه أخذ القرآن بالإدارة وتنازع الاثنين الآية أو تلقي الرجلين للآيتين في مكان واحد بمنزلة الاختلاس والنهبة من غير خشوع للقرآن ولا هيبة . وقراءة القرآن تحتاج إلى حزن وسكون وخشوع ، ومن ذلك أخذ المقرئ على الاثنين وليته قام بقراءة الواحد لسهو القلب كما قيل لإبراهيم الحربي إن فلانا يأخذ على الاثنين فقال هاه يحتاج اثنان أن يأخذا على واحد . ومن البدع التلحين في القراءة حتى لا تفهم التلاوة وحتى يجاوز إعراب الكلمة بمدّ المقصور وقصد الممدود وإدغام المظهر وإظهار المدغم ليستوي بذلك التلاحن ولا يبالي باعوجاج الكم وإحالته عن حقيقته فهو بدعة ومكروه استماعه . قال بشر بن الحرث : سألت ابن داود الحربي أمر بالرجل يقرأ فأجلس إليه قال : يقول يطرب قلت : نعم . قال : لا هذا قد أظهر بدعته . ومن ذلك التلحين في الأذان وهو من البغي والاعتداء فيه . قال رجل من المؤذنين لابن عمر رضي الله عنهما : إني لأحبك في الله تعالى فقال له : لكني أبغضك في الله تعالى قال : يا أبا عبد الرحمن لم : قال لأنك تبغي في أذانك وتأخذ عليه أجرا . وكان أبو بكر الآجري رحمه الله يقول : خرجت من بغداد وما يحل لي المقام بها قد ابتدعوا في كل شيء حتى في قراءة القرآن وفي الأذان وكان يعني بذلك قراءة الإدارة والتلحين وقدم علينا مكة في سنة ثلاثين ومن جمل ما أحدث الخلف فخالفوا به سنن السلف أنهم شدّدوا في أشياء كان السلف يسهلون فيها وسهّلوا أشياء كان السلف يشدّدون فيها . فمثلهم في ذلك كالخوارج شدّدوا في الصغائر من الذنوب وسهّلوا في الآثار والسنّة وفي ترك مذهب الجماعة حتى فارقوهم فممّا شدّد فيه الخلف مما كان السلف يسهّلونه كتب الأحاديث من أنواع طرقها وتتبع الغرائب من طرقاتها وتحري الألفاظ فيها . وقد قال ابن عون : أدركت ثلاثة يرخصون في المعاني : إبراهيم ، والشعبي ، والحسن رحمهم الله تعالى . وعن جماعة من علماء السلف والصحابة التوسعة في معاني الأحاديث وإن لم يؤد ألفاظها ومن ذلك تجريد الحروف وتحرّي المقرئ الواحد في جميع اختياره حتى كأنه فرض عليه ، ومن ذلك التدقيق في القياس والنظر والتبحّر في علوم النحو
295
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 295