نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 29
أي يفعلون لما يبقى ويرغبون فيما يدوم ويزهدون فيما يفنى وقد جعل الله عزّ وجلّ البيان يعلمنا اقتضاء الشكر عليه فقال : * ( يُبَيِّنُ الله لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) * [ المائدة : 89 ] وكما قال تعالى : * ( واذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) * [ البقرة : 63 ] وقد وصف أعداءه بعد ذلك فقال : * ( الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ في غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي ) * [ الكهف : 101 ] . وقالت أم الدرداء كانت أكثر عبادة أبي الدرداء التفكر ، وقد كان يقول : ما يسرني أن أريح في كل يوم ثلاثمائة دينار أنفقها في سبيل الله عزّ وجلّ . قيل : ولم ذلك ؟ قال : يشغلني ذلك عن التفكَّر . أو يعتقد حسن النيات وينوي جميل الطويات فيما بينه وبين الخالق تعالى وفيما بينه وبين الخلق أو يستغفر الله تعالى . ويجدد التوبة لما مضى من عمره ولما يأتنف من مستقبله . أو يخلص الدعاء بتمسكن وتضرع وتملَّق وتخشع ووجل وإخبات إلى أن يعصمه من جميع المنهي . وأن يوفقه لصالح الأعمال ويتفضل عليه برغائب الأفضال وهو في ذلك فارغ القلب مجرد الهم موقن بالإجابة راض بالقسم ، أو يتكلم بمعروف وخير ويدعو به إلى الله تعالى وينفع به أخاه ، ويعلم من هو دونه في العلم . فهذه كانت أذكار المتقدمين وأفكار السالفين . وقد كان الذكر والفكر من أفضل عبادة العابدين وهو طريق مختصر إلى ربّ العالمين ففي أي هذه المعاني أخذ فهو ذاكر لله عزّ وجلّ ، فلا يزال كذلك وهو في جميع ذلك مستقبل القبلة في مصلاه . ولا يستحب له أن يتكلم أو يعمل غير ما ذكرناه من الأذكار . وقد كانوا يكرهون الكلام بغير معروف وتقوى من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس . ومنهم من شدّد في ذم الكلام من الفجر إلى صلاة الغداة بغير ذكر وبر . وهذه سنة قد خملت فمن عمل بها فقد ذكرها .
29
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 29