responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 281


حوله للحديث . وكان أبو سليمان الداراني رحمه الله تعالى يقول : من تزوّج أو كتب الحديث أو طلب معاشا فقد ركن إلى الدنيا . وقال بعض هذه الطائفة : كل من أدرك العلوم غير العلم باللَّه عزّ وجلّ فقد استدرك والذي أدرك العلم باللَّه فقد تدورك ثم تلا قوله تعالى : * ( لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ من رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ ) * [ القلم : 49 ] ، أي تدورك بعلم المعرفة لطرح في بعد الهوى والعرا البعد وعلم المعقول بعد إلى جنب علم اليقين . وقال أيضا في فهم قوله تعالى : * ( ولَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ ) * [ الإسراء : 74 ] أي ثبتناك بالمعرفة لقد كدت تسكن إلى علوم العقل .
وقال سهل بن عبد الله رحمه الله تعالى في قوله عزّ وجلّ : * ( واجْعَلْ لِي من لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً ) * [ الإسراء : 80 ] قال لسانا ينطق عنك لا عن سواك وفضل العلم باللَّه عزّ وجلّ والعلم بالإيمان وعلم اليقين على العلم بالأحكام والقضايا كفضل المشاهدة على الخبر .
وقد قال الرسول صلَّى الله عليه وسلم : ليس الخبر كالمعاينة . وفي لفظ آخر : ليس الخبر كالمعاين . وقد روى عياض بن غنم عن النبي صلَّى الله عليه وسلم : في تفسير قوله عزّ وجلّ : * ( أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ . . . عِلْمَ الْيَقِينِ ) * [ التكاثر : 1 - 5 ] ، كرأي العين . وفي هذا الخبر أن من خيار أمتي قوما يضحكون جهرا من سعة رحمة ربهم ويبكون سرا من خوف عذابه أقدامهم في الأرض وقلوبهم في السماء أرواحهم في الدنيا وعقولهم في الآخرة يمشون بالسكينة ويتقربون بالوسيلة .
فالفتيا هي الأخبار والاستفتاء هو الاستخبار . ومنه قوله تعالى : * ( فَاسْتَفْتِهِمْ ) * [ الصافات :
11 ] وقوله تعالى : * ( ويَسْتَفْتُونَكَ ) * [ النساء : 127 ] أي يستخبرونك . فعلم الخبر قد يدخله الظن والشك والمشاهدة ترفع الظن وتزيل الشك كما قال تعالى : * ( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) * [ النجم : 11 ] فأثبت الرؤية للقلب بالعين فرؤية القلب هو اليقين وذو القلب هو الموقن . وقال النبي صلَّى الله عليه وسلم : كفى باليقين غنى ففي علم اليقين غنية عن جميع العلوم لأنه حقيقة العلم وخالصه وليس في جميع العلوم غنى عن علم اليقين ولأن الفقر بالشك والحاجة إلى اليقين في علم التوحيد وعلم الإيمان أشد من الفقر بالحاجة إلى علوم الفتيا وغيرها فلذلك صار الغني باليقين أعظم من الاستغناء بسائر العلوم ففي هذا العلم مثل من فاتحة الكتاب إلى سائر القرآن .
كما روي عن النبي صلَّى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب تجزي من كل القرآن وليس القرآن كله يجزي من فاتحة الكتاب ، فكذلك مثل العلم باللَّه عزّ وجلّ إلى العلم بما سواه . ففي العلم باللَّه تعالى عوض من كل العلوم ، وليس في سائر العلوم عوض من العلم باللَّه عزّ وجلّ من حيث كان في الله تعالى عوض به عن كل ما سواه . وكل علم موقوف على معلومه فعلم اليقين

281

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 281
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست