responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 277


وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : إن من يفتي الناس في كل ما يستفتونه لمجنون . وقال الأعمش : من الكلام كلام جوابه السكوت . وقال ذو النون المصري رحمه الله تعالى : حسن سؤال الصادقين مفتاح قلوب العارفين . فأما القاص فهو الذي يبتدئ فيقصّ الأخبار ويذكر القصص والآثار ولذلك سمي قاصا أي يتبع قصة من سلف . ومنه قوله تعالى : * ( وقالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ ) * [ القصص : 11 ] . أي تتبعي أثر موسى تعرفي قصته وأخبريني خبره . وقال مالك بن أنس رحمه الله تعالى : من إذالة العلم أن ينطق به قبل أن يسأل عنه . وقال مرة من إذالة العلم أن يجيب عن كل ما يسأل عنه أي من إهانته ووضعه .
يقال أشل هذا وأذل هذا أي ارفع وضع . يقال : إذا تكلم بالعلم قبل أن يسأل عنه ذهب ثلثا نوره . وقد قال إبراهيم بن أدهم وغيره : سكوت العالم أشد على الشيطان من كلامه لأنه يسكت بحلم وينطق بعلم فيقول الشيطان : انظروا إلى هذا سكوته أشد عليّ من كلامه .
ولذلك يقال : الصمت زين العالم وستر الجاهل وعن القاسم بن محمد أنه قال : من أكرم المرء نفسه أن يسكت على ما عنده حتى يسأل عنه . وكذلك هو لعمري لأنه إذا تكلم بعد السؤال فهو صاحبها وربما كان فرضا وليس الحاجة إلا القيام بالفرض من الشهوات .
ولقوله تعالى : * ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ) * [ النحل : 43 ] ، فأوجب أن يجيبوا من حيث أمر أن يسألوا وقال صلَّى الله عليه وسلم : من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار فتوعد عليه بالعقاب . وقد يكون الابتداء بالشيء من خفايا الشهوات والشهوات من الدنيا ووصف رجل لمالك بن أنس فقال : لا بأس به لو لا أنه يتكلم بالشيء قبل أن يسأل عنه . وقال مرة : لا بأس به إلا أنه يتكلم بكلام شهر في يوم . وقد قيل في معنى ما ذكر : إن الكلام من الشهوات . قال : هو الذي يبتدئ به قبل أن يسأل عنه ووصف بعضهم الأبدال فقال في وصفهم : أكلهم فاقة وكلامهم ضرورة وكانوا لا يتكلمون حتى يسألوا عن شيء فيجيبوا . ومن لم يتكلم حتى يسأل فليس يعد لاغيا ولا متكلما فيما لا يعنيه لأن الجواب بعد السؤال كالفرض بمنزلة رد السلام وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما إني لأرى رد الجواب واجبا كرد السلام . وقد قال أبو موسى وابن مسعود رضي الله عنهما : من سئل عن علم فليقل به ومن لا فليسكت وإلا كتب من المتكلفين ومرق من الدين . ورويناه عن ابن عباس أيضا وقد كانوا يخافون من دخول التكلف عليهم في كل شيء ويعد بعضهم بالابتداء بالكلام من غير حاجة تدعو إليه أو قبل سؤال عنه من غير أن يرى له موضعا أو يجد له أهلا يعدونه من التكلف . وفي وصية ابن عباس لمجاهد : لا تتكلم فيما لا يعنيك فإنه أفضل ولا آمن عليك الخطأ ولا تكلم فيما يعنيك حتى ترى له موضعا فرب متكلَّم فيما يعنيه قد وضعه في غير موضعه فعنت .

277

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 277
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست