responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 255


ويصدون عن سبيل الله . قال : فالأحبار العلماء والرهبان الزهاد . وقال سهل بن عبد الله :
طلاب العلم ثلاثة ، فواحد يطلب علم الورع مخافة دخول الشبهة عليه ، فيدع الحلال خوف الحرام فهذا زاهد تقي ، وآخر يطلب علم الاختلاف والأقاويل فيدع ما عليه ويدخل فيما أباح الله تعالى بالسعة ويأخذ للرخصة ، وآخر يسأل عن شيء فيقال : هذا لا يجوز فيقول : كيف أصنع حتى يجوز لي . فيسأل العلماء فيخبرونه بالاختلاف والشبهة ، فهذا يكون هلاك الخلق على يديه وقد أهلك نفسه وهم علماء السوء . واعلم أن كل محب للدنيا ناطق بعلم فإنه آكل للمال بالباطل وكل من أكل أموال الناس بالباطل فإنه يصد عن سبيل الله لا محالة وإن لم يظهر ذلك في مقاله ولكنك تعرفه في لحن معناه بدقائق الصد عن مجالسة غيره وبلطائف المنع من طرقات الآخرة لأن حب الدنيا وغلبة الهوى يحكما عليه بذلك شاء أم أبى .
وقال بعض العلماء : إن الله عزّ وجلّ يحب العالم المتواضع ويبغض الجبار من العلماء ومن تواضع لله تعالى ورثه الله تعالى الحكمة . وفي الخبر عن ابن مسعود : إن الله تعالى ليمقت الحبر السمين . وقال رسول الله لمالك بن الصيف : حبر من أحبار اليهود .
فقال : نشدتك الله تعالى ألم تجد فيما أنزل تعالى على موسى عليه السلام أن الله تعالى يبغض الحبر السمين . وكان ابن الصيف سمينا فغضب عندها فقال : * ( ما أَنْزَلَ الله عَلى بَشَرٍ من شَيْءٍ ) * [ الأنعام : 91 ] . ففيه نزلت هذه الآية تعريفا لبهته : * ( قُلْ من أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ به مُوسى نُوراً ) * [ الأنعام : 91 ] . فقال له أصحابه : ويحك ما ذا قلت جحدت كتاب موسى فقال : إنه محكني فقلت ذلك ويقال ما آتى الله تعالى عبدا علما إلا أتاه معه حلما وتواضعا وحسن خلق ورفقا فذلك علامة العلم النافع . وقد روينا معناه في الأثر : من آتاه عزّ وجلّ زهدا وتواضعا وحسن خلق فهو إمام المتقين . وكان الحسن يقول : الحلم وزير العلم والرفق أبوه والتواضع سرباله . وفي أخبار داود عليه السلام : إن الله تعالى أوحى إليه يا داود لا تسألنّ عني عالما قد أسكرته الدنيا فيصدك عن طريق محبتي أولئك قطاع طريق عبادي المريدين . يا داود إن أدنى ما أصنع بالعالم إذا آثر شهوته على محبتي أن أحرمه لذيذ مناجاتي . يا داود إذا رأيت لي طالبا فكن له خادما . يا داود من ردّ إليّ هارباً كتبته عندي جهبذاً ومن كتبته جهبذاً لم أعذبه أبداً .
وروينا عن عيسى عليه السلام : مثل علماء السوء مثل صخرة وقعت على فم النهر لا هي تشرب الماء ولا تترك الماء يخلص إلى الزرع . وكذلك علماء الدنيا قعدوا على طريق الآخرة فلا هم نفذوا ولا تركوا العباد يسلكون الله عزّ وجلّ . قال : ومثل علماء السوء كمثل

255

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست