responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 223


فجعل له مخرجا ونجاه فينظر الله تعالى إلى القلب نظرة تخمد النفس وتمحق الهمة وتخنس العدوّ لسقوط مكانه وتذهب لخنوسه شدة سلطانه فيصفو القلب من التأثير بنور السراج المنير ويملس من التحرير بقوّة القهار العزيز فيخاف العبد مقام الرب لصفاء القلب عن نظر الرب تعالى فيفزع من الخطيئة ويهرب أو يستغفر منها ويتوب ويظهر عليه شعار تقواه .
وإن أراد الله تعالى بعبد هلكة وكان قد حكم بوقوع الشر نظر القلب بعد الهمة بهوى النفس إلى العقل فرجع العقل إلى النفس فسوّلت وطوعت فسكن العقل واطمأن إلى تسويل النفس وطوعها فانشرح الصدر بالهوى لسكون العقل وانتشر الهوى في القلب لشرح الصدر وتوسعته فقوي سلطان العدوّ لاتساع مكانه فأقبل بتزيينه وغروره وأمانيه ووعده يوحي بذلك زخرفا من التحول وغرورا فيضعف سلطان الإيمان لقوّة سلطان العدوّ وخفاء نور اليقين فغلب الهوى لقوّة الشهوة فأحرقت الشهوة العلم والبيان فارتفع الحياء واستتر الإيمان بالشهوة فظهرت المعصية لغلبة الهوى وارتفاع الحياء . وهذان المعنيان من ظهور الخير والشر والطاعة والمعصية فلهذه الأسباب يوجدان في طرفة عين فتصير أجزاء العبد جزأ واحدا ومفصلاته تعود بالمراد منه فصلا واحدا كالبرق في السرعة بتغليب القدرة على المشيئة إذا قال جلّ وعلا له : * ( كُنْ فَيَكُونُ ) * [ آل عمران : 59 ] وإن أراد الله تعالى إظهار خير وإلهام تقوى من خزائن الملكوت حرّك الروح بخفي اللطف فتحركت بأمره جلَّت قدرته فقدح من جوهرها نور سطع في القلب همة عالية وهمة الخير ترى بأحد ثلاثة معان لا تحصى فروعها لأن كل عبد همته في الخير مبلغ علمه ومنتهى مقامه . فأحد الأصول مسارعة إلى أمر يفرض أو ندب لفضل يكون عن عمل حال العبد أو علم يكون فطنة له أظهر عليه من مكاشفة غيب من ملك أو ملكوت . والمعنى الثالث بتحمل مباح من تصرف فيما يعني مما يعود صلاحه عليه واستراحة النفس بما أبيح له يكون نفعه لغيره أو ترويحات من الأفكار لقلبه الغائص في البحار يكون حملا لكربه وتخفيفا لثقله . فهذه مرافق للعبد باختيار من المعبود وحكمة من الحكيم وفي كلها رضاه سبحانه وتعالى فإمضاؤها أفضل للعبد وبعضها أفضل من بعض . وهذه الأصول الستة من الخير والشر هي الفرق بين لمة الملك وبين لمة العدوّ وبين إلهام التقوى وإلهام الفجور التي هي النية والوسوسة ، وهما الاختيار أو الاختبار . وقد تكون هذه المعاني مكاشفات مزيد للعبد ينظر إلى الله منها ويجد الله تعالى بما أوجده منه عندها ويكون تعريفاً من الله يتعرف إليه بها ويفتح له باب الأنس والشوق منها ثم تتفاوت العباد في مشاهدتها على

223

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست