responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 193


وظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ ولا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ) * [ النساء : 168 ] فلم يغفر لهم بكفرهم ولم ينوّر لهم طريق الهداية بظلمهم . وكذلك قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : الظلم ظلمات يوم القيامة ومثل ذلك قوله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ ولَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ ) * [ البروج : 10 ] فصار عليهم عذابان : عذاب جهنم بما لم يتوبوا وعذاب الحريق بما فتنوا المؤمنين . ومثله قوله تعالى : * ( فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ ولا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ الله لِيُعَذِّبَهُمْ بِها في الْحَياةِ الدُّنْيا وتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وهُمْ كافِرُونَ ) * [ التوبة : 55 ] أي يريد أن يعذبهم بها في الدنيا ويريد أيضا أن تزهق أنفسهم على الكفر ليعذبهم بها في الآخرة وهذا نص صريح : إن الله تعالى يريد الكفر من الكافر لأن تزهق انتصب بالعطف على يريد الأول والواو فيه للجمع وقد قيل إن في هذه الآية تقديما وتأخيرا فيكون المعنى : ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم في الآخرة فأراد أن يجمع العذابين عليهم في جهنم : أحدهما الأموال والأولاد ، والثاني لإرادته تعالى أن تخرج نفوسهم على الكفر فمن لا مال له ولا ولد له منهم كان عليه عذاب واحد في جهنم لأجل قوله تعالى : بها أي بسببها ، وهذا مواصل للخبر الذي جاء أن فقراء الكفار يدخلون النار بعد أغنيائهم بخمسمائة عام لأجل الفقر الذي كانوا فيه في الدنيا كما أن الفقراء من المؤمنين يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام لأجل غنى أولئك .
وفي الخبر أيضا وتدخل المرضى إلى الجنة قبل الأصحّاء بأربعين خريفا ويدخل المقتول في سبيل الله مقبلا قبل المقتول في الله مدبرا بأربعين خريفا وتدخل المماليك قبل الموالي بأربعين خريفا ويدخل سليمان بن داود الجنة بعد الأنبياء بأربعين خريفا لمكان ملكه فالحسرة العظمى والفوات الأكبر الذي لا درك له وهو تأبيد حرمان ما أعطي غيرك من المزيد هناك لفوت أوقاتك في الدنيا هاهنا ثم درك ذلك بأوقاته العامرة هاهنا تأبيد مزيد جزائه ثم وهذا هو التغابن ، غبن العاملون البطالين وغبن السابقون المخلفين وغبن المسارعون المثبطين ثم خلود العبد البطال المغبون في الدنيا في تأبيد حرمان مزيد الغابن العامل ومن هذا قوله صلَّى الله عليه وسلم : ما من ساعة تأتي على ابن آدم لا يذكر الله تعالى فيها إلا كانت عليه حسرة وإن دخل الجنة . وفي لفظ آخر . وهو أشد إلا كانت عليه ترة يوم القيامة أي مطالبة ومؤاخذة . فالحسرة في الجنة بعد دخولها والظفر بنعيمها هو ما ذكرناه من حرمان مزيد العاملين فيها ثم دوام الحرمان مؤبد بها وهو كون العبد في نقصان درجة غيره ثم هو مخلد في النقصان سرمدا ومع ذلك فلا يؤبه له ولا يفطن به كيلا ينقص عليه نعيمه

193

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست