responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 165


حتى يفرغ منه فإن لم يجد فإنه لا يخلو من نوادب وفضائل فيبتدئ بالأفضل فإن لم يكن عمل في أدنى الفضيلتين فليأخذ العبد من نفسه لنفسه ومن يومه لأمسه ومن ساعته ليومه ومن دنياه لآخرته ، كما أمره مولاه في قوله سبحانه وتعالى : * ( ولا تَنْسَ نَصِيبَكَ من الدُّنْيا ) * [ القصص : 77 ] أي لا تترك أن تأخذ نصيبك للآخرة من دنياك وهو أن تحسن كما أحسن الله إليك ولا تطلب الفساد في الدنيا فتكون قد نسيت نصيبك من الدنيا ولا تترك أن تأخذ نصيبك من الآخرة فيتركك الله من جزيل ثوابه الذي أعد لأحبابه كما قال :
* ( نَسُوا الله فَنَسِيَهُمْ ) * [ التوبة : 67 ] أي تركوه فتركهم . وتركهم له ترك نصيبهم منه وتركه عزّ وجلّ لهم ترك محابهم من الآخرة فيبتدئ العبد الفطن فيأخذ من عمره ووقته فيجعله لآخرته التي أيقن بها ثم يأخذ من وقته أعلى ما فيه مما يختص به الوقت ولا يوجد إلا فيه ويفوت دركه بفوت وقته وهو أفضل ما يقدر عليه مما أدّاه علمه إليه فيجعله لمولاه ، ثم إن العبد لا يخلو في كل وقت وإن قل من أحد مقامين ، مقام نعمة ، أو مقام بلية فحاله عن مقام النعمة الشكر وحاله عن مقام البلية الصبر ، ثم ليس يفقد أحد مشاهدتين شهود نعمة أو شهود منعم من حيث لا يخلو من وجود مالك وحضور مملوك فعليه الخدمة للموجود وعليه الحضور في خدم المعبود والمراقبة علامة الحضور والمحاسبة دليل المراقبة ويكون له أيضا في أدنى أوقاته وهو الوقت الثالث الذي هو لمباحه وهو أدنى أحوال المؤمن يكون له فيه مشاهدة منعم أو شهود نعمة لئلا يذهب وقته هذا أيضا فارغا من دنياه ولا يعود عليه شيء من ذكر مولاه أو يذكر نعمة تدله على منعم أو تخرجه إليه فينفعه ذلك في عقباه إذ العاقبة للمتقين فإن شهد منعما اقتطعه الحياء بالسكينة والوقار للهيبة وهذا مخصوص بخصوص ، وإن شهد نعمة استغرقه بالشكر والاعتبار فكان لديه تبصرة وتذكار ، وهذا العموم الخصوص قال الله عزّ وجلّ في وصف الأولين : * ( ومن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) * [ الذاريات : 49 ] ففروا إلى الله ، وقال في المقام الثاني : * ( ولا تَجْعَلُوا مَعَ الله إِلهاً آخَرَ ) * [ الذاريات : 51 ] وقال في مقام الأوّلين : * ( قُلْ من بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وهُوَ يُجِيرُ ولا يُجارُ عَلَيْهِ ) * [ المؤمنون : 84 ] إلى قوله : * ( أَ فَلا تَتَّقُونَ ) * [ الأعراف : 65 ] وقال في وصف الآخرين ؟ : * ( قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ ومن فِيها ) * [ المؤمنون : 84 ] إلى قوله : * ( قُلْ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ ) * [ المؤمنون : 85 ] .
وقد روينا في الأثر في صفات العاقل وحال المراقب وحشو الأوقات بما ينبغي أن تملأ به جمل ما ذكرناه من حديث أبي ذر الطويل ولا يكون المؤمن ظاعنا إلا في ثلاث :
تزوّد لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم وبمعناه وعلى العاقل أن يكون له أربع

165

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست