نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 149
يَهْدِيهِمُ الله ) * [ النحل : 104 ] . وكما أن الله عزّ وجلّ في البيان نعمة لأنه لا تقع إلا بقدرة كما قال : فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير فكذلك على العبد فيه شكر وقد يكون سببا للإنعام بالبيان وعلى الله المزيد على الشكر ، كما قال : * ( كَذلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) * [ المائدة : 89 ] . وقال في تحقيق الشكر بالمزيد للشاكرين على التصريف : * ( كَذلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ) * [ الأعراف : 58 ] فإذا وقف العبد في الشبهات عن الإمضاء وأوقف الخاطر على الابتداء حتى يكشفه الله عزّ وجلّ له بمزيد علم أو قوة يقين أو كشف حجاب الهوى فقد وفق للصواب وهو من معنى قوله عزّ وجلّ : * ( آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وفَصْلَ الْخِطابِ ) * [ ص : 20 ] وداخل في قوله : * ( ومن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) * [ البقرة : 269 ] . هذا إذا لم يرد بالطلب ولم يجعل لعالم آخر فيه مكان كشفه للعبد بوصفه فإذا أراده بالطلب لأوليائه وجعل للعلماء مكانا للدلالة عليه أضطره أن يسأل عالما باللَّه وبباطن أحكامه عارفا بلطيف حجابه وخفي كشفه فيكشف له على لسانه إذا لم يكن العبد ممن يكاشف بقلبه لتحقيق قوله : * ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) * [ النحل : 43 ] ولتصديق قوله الرحمن فاسأل به خبيرا والله تعالى هو المسير الأوّل والمبين الآخر إلا أن السير والسؤال على العبد والهدى والبيان على الهادي المبين . كما قال : * ( قُلْ سِيرُوا في الأَرْضِ فَانْظُرُوا ) * [ النمل : 69 ] . وقال تعالى : * ( فَإِنْ كُنْتَ في شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ ) * [ يونس : 94 ] الآية . ثم قال : * ( إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ ) * [ القيامة : 19 ] إن علينا للهدى وعلى الله قصد السبيل كذلك سننه التي قد خلت من قبل ولا تبديل لها ولا تحويل . أ لم تسمع قول الله تعالى : * ( وعَلَّمَ آدَمَ الأَسْماءَ كُلَّها ) * [ البقرة : 31 ] . فهذا هو المجتبي للتعليم الآخذ نصيبه من الله عزّ وجلّ بتفهيم المصطفى لمكان التخصيص . ثم قال : * ( يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ ) * [ البقرة : 33 ] . فلما أنبأهم بأسمائهم ترك آدم ورد إليه وذكر نفسه بالعلم منه بعد أن دلّ بالواسطة عليه . فقال : ألم أقل لكم إني أعلم ولم يقل إن آدم يعلم فأخذ آدم نصيبه من رازقه بقلبه لمكان رتبته وأخذت الملائكة أنصبتها من الله عزّ وجلّ من نصيب آدم بواسطته والله هو الرزاق ذو القوة المتين كما هو الخلَّاق . هل من خالق غير الله يرزقكم ؟ والعبيد يأخذون أنصبتهم بأقسامهم من حيث هي طرق وسبب لهم . وهذا حينئذ أول المحاسبة عن مشاهدة حسيب ، والتحقيق بالمحاسبة هو أول المراقبة عن رؤية رقيب ، والمقام من المراقبة هو حال من أحوال الموقنين ، وعلم اليقين هو آخر علم الإيمان وآخر نصيب العبد من علم اليقين أعني نهايته أول عين اليقين وهو شهادة المعرفة والمعرفة على هذا الوصف أول
149
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 149