responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 141


لهما وأفطرتا على ما حرم الله عزّ وجلّ عليهما قعدت إحداهما إلى الأخرى فجعلا يغتابان الناس فهذا ما أكلا من لحومهم . وكان أبو الدرداء يقول : يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم يعيبون صوم الحمقى وسهرهم ولذرة من ذي يقين وتقوى أفضل وأرجح من أمثال الجبال من عبادة المغترين وكل محظور عليك أن تتفوّه به فمحظور عليك أن تستمع إليه وكل حرام عليك أن تفعله فمكروه أن تنظر إليه أو يخطر ببالك . وقد سوّى الله عزّ وجلّ بين المستمع والقائل في قوله تعالى : * ( إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ ) * [ النساء : 140 ] ومثل الصائم مثل التوبة لأن الصبر من أوصافها وإنما كانت التوبة مكفرة لما سلف من السيئات لأجل أنه صبر عما سلف من سئ العادات ثم اعتقد ترك العود إلى مثل ما سلف بصيانة جوارحه التي كانت طرائق المكروهات . كذلك كان الصيام جنة من النار وفضيلة من درجات الأبرار . إذا صبر عليه الصائم فحفظ جوارحه فيه من المآثم فإذا أمرحها في الآثام كان كالتائب المتردد الناقض للميثاق لم تكن توبته نصوحا ولا كان صوم هذا صالحا وصحيحا ألا ترى إلى قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : الصوم جنة من النار ما لم يخرقها بكذب أو غيبة وأمره في قوله عليه السلام : إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ شاتمه فليقل : إني صائم .
وفي لفظ آخر لا يجعل يوم صومه ويوم فطره سواء أي يتحفّظ في صومه لحرمته . وفي خبر :
آخر الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته ، فحفظ الأمانة من صيانة الجوارح لقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لما تلا هذه الآية : * ( إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) * [ النساء : 58 ] ، وضع يده على سمعه وبصره قال السمع أمانة والبصر أمانة فذلك مجاز قوله فليقل : إني صائم ، أي يذكر الأمانة التي حمل فيؤديها إلى أهلها ومن حفظ الأمانة أن يكتمها فإن أفشاها من غير حاجة فهي خيانة لأن مودعها قد لا يجب أن يظهرها وحقيقة حفظ السرّ نسيانه وضياع السرّ أن يكثر خزانه فحقيقة الصائم أن يكون ناسيا لصومه لا ينتظر الوقت شغلا عنه بالمؤقت .

141

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست