responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 139


يضاهي به شهر رمضان وكانوا يستحبون أن يفطروا منه أياما وقد كره قوم صيام الدهر كله وردت أخبار في كراهته وقد تأوّل ذلك بأنهم كانوا يصومون السنة كلها مع يوم العيد وأيام التشريق فوردت الكراهة لذلك ، وإن كان يريد صلاح قلبه وانكسار نفسه واستقامة حاله في صوم الدهر فليصمه ، فهو حينئذ كالواجب عليه إذا كان تقواه وصلاحه فيه . فقد روينا عن سعيد عن قتادة عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :
من صام الدهر ضيقت عليه جهنم وعقد تسعين معناه لم يكن له فيها موضع وقد دلت الأصول على فضل صوم الدهر وقد صامه طبقات من السلف الصالح من الصحابة والتابعين بإحسان إلا أن يكون الرجل يرغب عن السنة ولا يرى الرخصة في الإفطار فيكره له صوم الدهر للمعاندة لأن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أمر بالسعة في الدين وأخبر الله عزّ وجلّ بأنه يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه . وفي لفظ آخر : يحب أن يؤخذ برخصه كما يكره أن تؤتي معصيته . وقد دلَّت الأخبار على فضل صوم نصف الدهر بأن يصوم يوما ويفطر يوما وذلك ليكون العبد بين حالين حال صبر وحال شكر . ومن ذلك ما روي عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عرضت عليّ مفاتيح خزائن الدنيا وكنوز الأرض فرددتها فقلت : أجوع يوما وأشبع يوما أحمدك إذا شبعت وأتضرع إليك إذا جعت . ومن ذلك قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : أفضل الصيام صيام أخي داود عليه السلام ، كان يصوم يوما ويفطر يوما ومن ذلك منازلته عليه السلام لعبد الله بن عمرو في الصوم وهو يقول : إني أريد أفضل من ذلك حتى قال له النبي صلَّى الله عليه وسلَّم :
صم يوما وأفطر يوما قال : أريد أفضل من ذلك قال : لا أفضل من ذلك . وروي في الخبر :
صوم يوم من شهر حرام أفضل من صوم ثلاثين يوما من غيره وصوم يوم من رمضان أفضل من صوم ثلاثين يوما من شهر حرام . وفي حديث : من صام ثلاثة أيام من شهر حرام الخميس والجمعة والسبت كتب الله تعالى له عبادة سبعمائة عام . وقد روينا أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ما صام شهرا كاملا قط إلا رمضان بل كان يفطر منه وقد وصل مرة شعبان برمضان وفصل صوم رمضان مرارا من شعبان . وما ذكرنا من أنواع الصوم فهو صيام جماعة من السلف الصالح وفي كل منه ورد فيه فضائل يكثر ذكرها وكذلك في جميع ما نذكره من أعمال القلوب والجوارح في الأيام والليالي وكذلك فيما نذكره من أخلاق الإيمان وأوصاف الموقنين ، وقد جاءت في أكثر ذلك فضائل ومثوبات إلا أنا لم نقصد تعديد ذلك وليس مذهبنا الاشتغال بذكر فضائل الأعمال إنما طريقنا تهذيب قلوب العمال . فبطهارة القلوب وحقيقة الإيمان تزكو الأعمال وتقرب العاملون من ذي الجلال ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العليّ العظيم .

139

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست