responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 109


يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الأَدْنى ويَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا ) * [ الأعراف : 169 ] الآية . وهذا وصفهم الظن الكاذب والرجاء المختلف اللذان لم يفترقا إلى خوف وإشفاق عصوا خالقهم عاجلا وتمنوا عليه المغفرة آجلا جهلا منهم بحكمته وإعراضا عن أحكامه . قال الله عزّ وجلّ :
* ( أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى الله إِلَّا الْحَقَّ ودَرَسُوا ما فِيهِ ) * [ الأعراف : 169 ] . ثم أخبر عن علمهم بذلك علم قول وخبر لا علم يقين ومعاينة . قال سبحانه : * ( ودَرَسُوا ما فِيهِ ) * [ الأعراف : 169 ] أي قرؤا هذا وعلموه ولم يعملوا به فلم ينتفعوا بشيء منه ، فكان هذا توبيخا لهم وتقريعا كقوله تعالى : * ( قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ به إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) * [ البقرة : 93 ] وفيها وجه غريب ودرسوا ما فيه أي محوه بترك العمل به والفهم له من قولك : درست الريح الآثار إذا محتها وخط دارس وربع دارس إذا محي وعفي أثره وهذا المعنى مواطئ لقوله تعالى : * ( نَبَذَ فَرِيقٌ من الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ الله وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) * [ البقرة : 101 ] واتبعوا ما تتلو الشياطين أي ما تتبع وتهوى ومواطئ لقوله تعالى : * ( فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ واشْتَرَوْا به ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ ) * [ آل عمران : 187 ] فسمي ترك العمل منهم به في كل حالة طرحا له وإلقاء ونفيا له وبيعا له وبالدنيا اشتراء وكل آية في التهديد والوعيد فللخائفين منها وعظ وتخويف وللغافلين عنها وصف وتعريف علمه من علمه كقوله تعالى في ذكر النار : * ( ذلِكَ يُخَوِّفُ الله به عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ ) * [ الزمر : 16 ] . وقال في خبرها أعدت للكافرين . وقال بعض السلف : إن العبد ليفتتح سورة فتصلَّي عليه الملائكة حتى يفرغ منها وإن العبد ليفتتح سورة فتلعنه حتى يفرغ منها . فقيل : وكيف ذلك ؟ قال إذا أحل حلالها وحرم حرامها صلت عليه وإلا لعنته . وقال بعض العلماء : إن العبد ليتلو القرآن فيلعن نفسه وهو لا يعلم يقول ألا لعنة الله على الظالمين وهو ظالم ألا لعنة الله على الكاذبين وهو منهم . وقال سفيان في قوله تعالى : * ( سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ في الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) * [ الأعراف : 146 ] . قال : أصرف عنهم فهم القرآن . وفي الخبر عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا عظمت أمتي الدنيا والدرهم نزع منها هيبة الإسلام وإذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرموا بركة الوحي . قال الفضيل : حرموا فهم القرآن وفي الأخبار من ذم قراءة البطالين أكثر من أن تذكر . فمنها ما روي عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال أكثر منافقي أمتي قراؤها .
وكان الحسن يقول : إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا فأنتم تركبونه فتقطعون به مراحله وإن من كان قبلكم رأوه رسائل أتتهم من ربّهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار . وكان ابن مسعود من قبله يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا

109

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست