responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 69


الفصل الرابع عشر في ذكر تقسيم قيام الليل ونومه ووصف القائمين والمتهجدين قد قرن الله سبحانه وتعالى قوّام الليل برسوله المصطفى وجمعهم معه في شكر المعاملة وحسن الجزاء فقال تعالى : * ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى من ثُلُثَيِ اللَّيْلِ ونِصْفَهُ وثُلُثَهُ وطائِفَةٌ من الَّذِينَ مَعَكَ ) * [ المزمل : 20 ] ، وقد أخبر الله سبحانه أن قراءة الليل أشدّ وطئا للقلب وأقوم قيلا للحفظ والذكر أي يواطئ القلب اللسان بالفهم والحفظ .
وقد سمى الله تعالى أهل الليل علماء وجعلهم أهل الخوف والرجاء وأخفى لهم قرة العين من الجزاء فقال : * ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وقائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ ويَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ ) * [ الزمر : 9 ] ، ثم قال : * ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) * [ الزمر : 9 ] ، وهذا من المحذوف ضده لدلالة الكلام عليه والمعنى أمّن هو هكذا عالم قانت مطيع لا يستوي مع من هو غافل نائم ليله أجمع فهو غير عالم بما يحذر وبما يرجو من ربه عزّ وجلّ . وقال عزّ وجلّ في وصفهم في الدنيا ، ووصف ما أعد لهم في الآخرة والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما : * ( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وطَمَعاً ) * [ السجدة : 16 ] ، أي تنبو عن الفراش فلا تطمئن لما فيها من خوف الوعيد ورجاء الموعود . ثم قال : * ( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ من قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) * [ السجدة : 17 ] ، قيل : كان عملهم قيام الليل وقيل بل كانوا أهل خوف ورجاء .
وهذان من أعمال القلوب عن مشاهدة الغيوب فلما أخفوا له الإخلاص بأعمال السرائر أخفي لهم من الجزاء نفيس الذخائر ولا تقر أعين هؤلاء المحبين إلا بوجهه كما لم يعملوا إلا لوجه الله تعالى . وقال بعض العلماء في قوله تعالى : * ( واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ ) * [ البقرة : 45 ] قال : هي صلاة الليل استعينوا بها على مجاهدة النفس ومصابرة العدوّ . ثم قال : * ( وإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ ) * [ البقرة : 45 ] ، يعني الخائفين المتواضعين لا تثقل عليهم ولا تجفو بل تخفف وتحلو . وفي الخبر : قيل يا رسول الله إن فلانا يصلي من الليل

69

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست