responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 418


ثم إن للخائفين بعد هذا طرقا ووجهة من قبل الخوف المقلق والإشفاق المزعج ، والوجل المحرق ، وهي مجاوزات للطرق السابلة التي هي محاج للأئمة المختارة الفاضلة ، وفيها متاوه ومهالك ، نقلت عنها العلماء السادة ، والصفوة المختارة ، إلا أنه قد سلك ببعض الزهاد والعباد فيها وأريد بعض العارفين بها ليست بمفضلة كل ذلك عن العلماء ، ولا بمتنافس فيها مغبوط عليها عند العارفين ، لأنها قد تخرج من طرقات المسالك إلى مفاوز المهالك ، وإنما أريد ببعضهم التعريف لها والاطلاع عليها ، ومنهم من أريد منه التيه والوله فيها إلا أنها أشهر في أسماع العامة وأعجب وأهول عند العموم .
ذكر تفصيل هذه المخاوف اعلم أن للخوف سبع مفيض فاضمن القلب ، فإلى أي مفيض فاض من القلب إليه أتلف صاحبه به إلا ما يستثنيه .
قد يفيض الخوف من القلب إلى المرارة وهي أرق صفات الأدمة ، وهي باطن البشرة فيحرقها فيقتل العبد ، وهؤلاء هم الذين يموتون من الغشي والصعق وبداوة الوجه ، وهم ضعفاء العمال .
وقد يطير الخوف من القلب إلى الدماغ فيحرق العقل فيتيه العبد فيذهب الحال ويسقط المقام .
وقد يحل الخوف السحر وهو الرئة فينقبها فيذهب الأكل والشرب حتى يسلّ الجسم وينشف الدم ، وهذا لأهل الجوع والطي والاصفرار .
وقد يسكن الخوف الكبد ، فيورث الكمد اللازم ، والحزن الدائم ويحدث الفكر الطويل والسهر الذاهب . وفي هذا المقام يذهب النوم ويدوخ السهر وهذا من أفضلها . وفي هذا الخوف العلم والمشاهدة وهو من خوف العاملين . وقد يقدح الخوف في الفرائص ، والفريصة هي اللحمة التي تكون على الكتف ، يقال للحمتي الكتفين : الفريصتان وجمعها الفرائص . ومنه الخبر أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم كان يعجبه الفريصتان من اللحم وهو أرقّ لحم الحيوان وأعذبه . فمن هذا الخوف يكون الاضطراب والارتعاش واختلاف الحركة ، وقد يبدو الخوف من القلب فيغشى العقل فيمحي سلطانه لقهر سلطان القدرة ومحو الشمس إذا برزت ضوء القمر للبادي الذي يبدو على السر من خزائن الملكوت فيضعف لحمله العقل فيضطرب لضعفه الجسم فلا يتمكَّن العبد من القرار لضعف صفته وذلك أن أجزاء الإنسان وإن كانت متفرقة في البنيان للحكمة والإتقان فهي كشيء واحد يجمعها لطيف

418

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست