responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 231


* ( الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ ) * [ الناس : 4 ] . وقوله : * ( ونَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ به نَفْسُهُ ) * [ ق : 16 ] .
وكل شيء خلقه الله تعالى فله مثل وضد . فمثل النفس الشيطان وضدهما الروح . ثم إن أعمال الجوارح من النوعين الطاعة والمعصية أعظم في الأجر والوزر معا إلا ما لا يتأتى أن يعمله بظاهر الجسم من شهادة التوحيد أو وجود شك أو كفر أو اعتقاد بدعة .
باب آخر من البيان والتفصيل فأما ما كان من لائح يلوح في القلب من معصية ثم يتقلب فلا يلبث فهذا نزغ من قبيل العدوّ وما كان في القلب من هوى ثابت أو حال مزعج دائم لابث فهو من قبل النفس الأمارة بطبعها أو مطالبة منها بسوء عادتها وما ورد على العبد من همه بخطيئة ووجد العبد فيها كراهتها . فالورود من قبل العدوّ والكراهة من قبل الإيمان وما وجده العبد وجدا بهوى أو معصية ثم ورد عليه المنع من ذلك فالوجد من النفس والوارد بالمنع من الملك وما وجده العبد من فكر في عاقبة الدنيا أو تدبير الحال ونظر إلى معهود فهذا من قبل العقل وما وجد من خوف أو حياء أو ورع أو زهد من شأن الآخرة فهذا عن الإيمان وما شهد القلب من تعظيم أو هيبة أو إجلال أو قرب فهذا من اليقين وهو من مزيد الإيمان وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه كما قال صاحب الأمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : أعوذ بك وإنما هذا تفصيل الحدود وإظهار المكان وإحكام العلم كما قال تعالى : * ( وكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا ) * [ الإسراء : 12 ] . وقال : * ( قَدْ فَصَّلْنَا الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) * [ الأنعام : 97 ] . وليس في التوحيد ولا في المشاهدة تفكر ولا في الإشارة عيان ولا في القدرة ترتيب ولكن لا بدّ من علم التفصيل لا عن التوحيد وهو التفرقة بلسان الشرع عن عين الجمع لإظهار الطرق واستنارة السبل وتطريق السالكين وترتيب العاملين ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيا من حي عن بيّنة والله غالب على أمره . وقد فصل بعض العلماء أعمال العباد وفرق بين الأمر والإرادة فقال : إن أعمال العباد لا تخلو من ثلاثة أنواع : فرض وفضل ومعصية . قال : فنقول إن الفرض بأمر الله تعالى ومحبة الله ومشيئة الله . تجتمع هذه المعاني الثلاثة في الفرائض قال : ونقول إن النفل لا بأمر الله لأنه لم يوجبه ولم يعاقب على تركه ولكن بمحبة الله ومشيئته جلّ وعلا أي لأنه شرعه وندب إليه فقال : ونقول إن المعصية لا بأمر الله لأنه لم يشرعها على ألسنة المرسلين ولا بمحبة الله لأنه قد كرهها إذ لم يأمر بها ولم يندب إليها ولكن بمشيئة الله جلَّت عظمته أن لا يخرج شيء من إرادته كما لم يخرج شيء من علمه . والإرادة والمشيئة اسمان بمعنى واحد فقد دخل كل شيء فيها كما دخل كل شيء في العلم فاللَّه سبحانه عالم بما أراده وقد سبق به علمه كذلك هو مريد لما علمه أظهرت

231

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست