responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 226


ذكر بيان آخر من تفصيل المعاني وكل عمل وإن قل لا بدّ فيه من ثلاثة معان قد استأثر الله تعالى بتوليها أوّلها التوفيق وهو الاتفاق أن يجمع بينك وبين الشيء ثم القوّة وهو اسم لثبات الحركة التي هي أوّل العقل ثم الصبر وهو تمام الفعل الذي به يتم . فقد رد الله عزّ وجلّ هذه الأصول التي يظهر عنها كل عمل إليه . فقال سبحانه : * ( وما تَوْفِيقِي إِلَّا بِالله ) * [ هود : 88 ] . وقال :
* ( ما شاءَ الله لا قُوَّةَ إِلَّا بِالله ) * [ الكهف : 39 ] . وقال عزّ وجلّ : * ( واصْبِرْ وما صَبْرُكَ إِلَّا بِالله ) * [ النحل : 127 ] . وقد أجمل الله عزّ وجلّ ذكر تقليب الكون بمشيئته في قوله تعالى : * ( يُقَلِّبُ الله اللَّيْلَ والنَّهارَ ) * [ النور : 44 ] . والمعنى بما فيهما لأنهما ظرفان للأشياء فعبر عنهما بهما كقوله تعالى : * ( بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ والنَّهارِ ) * [ سبأ : 33 ] ، والمعنى مكركم في الليل والنهار فعبر بهما عن مكرهم لأنهما مكان لمكرهم . وكذلك قوله تعالى : * ( ولَهُ ما سَكَنَ في اللَّيْلِ والنَّهارِ ) * [ الأنعام : 13 ] فيها وجهان أحدهما أي ما أقام من السكن والثاني ما سكن من السكون وإنما ذكر السكون دون الحركة لأنه هو الأصل حتى تحرك وهو الأقرب إلى العجز والعدم والتحريك حادث جار بأحداث الله تعالى وإجرائه . ويجوز أيضا ذكر السكون ليستدل به على الحركة لأنه ضدها . كما قال الله تعالى : * ( سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ) * [ النحل : 81 ] وهي أيضا تقي البرد فذكر أحد الوصفين ليستدل به على الآخر .
وقال سبحانه : * ( ونُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وأَبْصارَهُمْ ) * [ الأنعام : 110 ] . وكان قسم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لا ومقلب القلوب لما شهد من عظيم القدرة ولطيف الصنع في التقليب . ولما رأى من سرعة نفاذ القدرة بالمراد في المقلبات مما لم يشهد سواه فجعله قسما له تعظيما لقدرة المحلوف به وخوفا من سابق العلم بالتقليب فكان يقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قالوا له : وتخاف يا رسول الله ؟ قال وما يؤمنني والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء . وفي لفظ حديث آخر : إن شاء أن يقيمه أقامه وإن شاء أن يزيغه أزاغه . وقد روي عنه : مثل القلب مثل العصفور في تقلبه يتقلب في كل ساعة . وفي خبر آخر : مثل القلب في تقلبه كالقدر إذا استجمعت غليا والخبر المشتهر مثل القلب كمثل ريشة بأرض فلاة تقلبها الرياح ظهر البطن . فالقلب مكان للتقليب بما فيه من خزائن الغيب كالليل والنهار مكان للأحكام بالتصريف من اختلاف الأزمان في الأوقات والإيمان بتقليب القلوب وبأن المقلب يحول بين القلب وبين صاحبه واجب .

226

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست