مكة المكرمة ، وأن المثل العليا وقيم السماء التي بشر بها فكر الاسلام أوقع في القلوب ، وأريض للنفوس ، من بريق المواضي وقعقعة السلاح ، في عالم أطبقت عليه مفاهيم الجهالة المعتمة . والآن بعد أربعة عشر قرنا من الزمن ، وكي لا نتهالك على فتات موائد حضارة القرن العشرين ، نأخذ منها الضار ونترك النافع ! ! ما أحوج الأمة التي جعلها الله خير أمة أخرجت للناس ، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، أن تلتفت إلى الماضي ، ترمقه بنظرة تفحص ، من أجل أن تستلهم منه معاني العفة والطهر ، لتبني على أساسها مستقبل الحياة الحرة الكريمة ، لتواجه الرياح السوداء ، قوية الشكيمة ، رابطة الجأش ، مرفوعة الرأس ، لتحمل للمعمورة مشعل الهداية المحمدي ، السخي بالعطاء إلى يوم يبعثون . . . وفي هذا السبيل سار خريجو مدرسة أهل البيت عليهم السلام من علماء أعلام ، وجهابذة عظام ، يحثون الأمة للمضي في طريق الصلاح والهدى ويحذرونها موجبات الردى ، وما كتاب قضاء حقوق المؤمنين إلا وميض نور من عطاء كله هدى وضياء ، سطروه - رضوان الله عليهم - بحميد فعالهم ، وبليغ كلامهم ، وسيل مدادهم ، يعرض فيه المؤلف عن طريق الرواية جانبا مما يفترضه الايمان على الفرد المؤمن من حقوق يجب أن يؤديها تجاه أخيه المؤمن ، بصورة مختصرة موجزة . الكتاب : لست بصدد تعريف الكتاب مضمونا ، فاسمه كفيل بذلك ، وإنما أذكر مدى اعتماد الأصحاب عليه ، ورجوعهم إليه . فقد اعتمده شيخ الاسلام المجلسي في بحار الأنوار ونقل عنه ، وقال : وكتاب قضاء الحقوق ، كتاب جيد ، مشتمل على أخبار طريفة [1] .