ثم اللعن على الأموات أشد وزرا وأعظم إثما ، لقول النبي ( ص ) : " لا تسبوا الأموات ، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا " . ولا ينبغي أن يلعن الجماد والحيوان أيضا . لما روي : " أنه ما لعن أحد الأرض إلا قالت : اللعن على أعصانا لله " ، وما روي : " أن النبي ( ص ) أنكر على امرأة لعنت ناقة ، وعلى رجل لعن بعيرا " . ثم الدعاء على المسلم بالشر قريب من اللعن عليه ، فلا ينبغي ارتكابه ولو على الظالم ، إلا إذا اضطر إليه لشره وأضراره ، وقد ورد أن المظلوم ليدعو على الظالم حتى يكافيه ، ثم يبقى للظالم عنده فضيلة يوم القيامة . وقال علي بن الحسين عليهما السلام : " إن الملائكة إذا سمعوا المؤمن يذكر أخاه بالسوء ويدعو عليه قالوا : بئس الأخ أنت لأخيك ! كف أيها المستر على ذنوبه وعورته ، وأربع على نفسك ، وأحمد الله الذي ستر عليك ! " [44] . ثم ضد ذلك - أعني الدعاء للأخ المسلم بما يحب لنفسه - من أحب الطاعات وأقرب القربات ، وفوائده أكثر من أن تحصى ، بل عند التحقيق دعاؤك له دعاء لنفسك ، قال رسول الله ( ص ) : " إذا دعا الرجل لأخيه في ظهر الغيب قال الملك : ولك مثل ذلك " . وقال ( ص ) : " يستجاب للرجل في أخيه ما لا يستجاب له في نفسه " . وقال علي بن الحسين عليهما السلام : " إن الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لأخيه المؤمن بظهر الغيب أو يذكره بخير ، قالوا : نعم الأخ أنت لأخيك ! تدعو له بالخير وهو غائب عنك ، وتذكره بالخير . قد أعطاك الله عز وجل مثلي ما سألت له ، وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه ، ولك الفضل عليه " ومثله ورد عن الباقر ( ع ) أيضا . والأخبار في فضيلة الدعاء للأخوان أكثر من أن تحصى ، وأي كرامة أعظم لك من أن تصل منك إلى المؤمن وهو تحت أطباق الثرى هدايا الاستغفار والأدعية ، وهل تدري كيف تسر روحه منك بهذا العمل ؟ فإن أهله يقسمون ميراثه ويتنعمون بما خلف ، وأنت متفرد بحزنك تدعو له في ظلمة الليل ، وقد قال رسول الله ( ص ) : " مثل الميت في قبره مثل الغريق يتعلق بكل شئ ، ينتظر دعوة من ولد أو والد أو أخ أو قريب ، وإنه ليدخل على قبور الأموات
[44] هذه الرواية من تتمة الرواية الآتية عن علي بن الحسين ( ع ) .