والفجور ، فينبغي أن يحفظ من قرناء السوء ، وهو الأصل في تأديبه . يسلم إلى معلم دين صالح ، يعلمه القرآن وأحاديث الأخبار وحكايات الأبرار ، لينغرس في نفسه حب الصالحين . ويحفظ عن الأشعار التي فيها ذكر الفسوق وأهله ، إذ ذلك يغرس في قلبه بذر الفساد . وينبغي أن يعود الصبر والسكوت إذا ضربه المعلم ، حتى لا يكثر الصراخ والشغب ولا يستشفع بأحد حينئذ ، ويذكر له أن ذلك دأب الرجال والشجعان ، وأن كثرة الصراخ دأب المماليك والنسوان . وينبغي أن يؤذن له بعد الفراغ من المكتب باللعب المباح الجميل حتى يستريح من تعب الأدب ، ولا يموت قلبه ، ولا ينقص ذكاه . ويعلم محاسن الأخلاق والأفعال ، ويجنب عن خبائث الصفات ورذائل الأعمال فيخوف من الحسد ، والعداوة ، والجبن ، والبخل ، والكبر ، والعجب ويحذر من السرقة ، وأكل الحرام ، والكذب ، والغيبة ، والخيانة ، والفحش واللعن ، والسب ، ولغو الكلام . . وغير ذلك . ويرغب في الصبر ، والشكر ، والتوكل ، والرضا ، والشجاعة ، والسخاء ، والصدق ، والنصيحة . . . وغير ذلك من محاسن الأخلاق وفضائلها . ويمدح عنده الأخيار ويذم الأشرار ، حتى يصير الخير عنده محبوبا ، ويصير الشر عنده مبغوضا . وإذا بلغ سن التمييز ، يؤمر بالطهارة والصلاة ، وبالصوم في بعض الأيام من شهر رمضان ، ويعلم أصول العقائد وكل ما يحتاج إليه من حدود الشرع . ومهما ظهر منه خلق جميل أو فعل محمود ، فينبغي أن يكرم عليه ويجازى لأجله بما يفرح به ، ويمدح بين أظهر الناس . وإن ظهر منه فعل قبيح مرة واحدة ينبغي أن يتغافل عنه ولا يهتك سره ، ولا يظهر له أنه يتصور أن يتجاسر أحد على مثله ، ( لا ) سيما إذا ستره الصبي واجتهد في إخفائه ، فإن إظهار ذلك ربما يفيده جسارة حتى لا يبالي بالمكاشفة بعد ذلك ، فإن عاد ثانيا إلى مثله ، فينبغي أن يعاتب عليه سرا ويعظم الأمر فيه ، ويقال له : إياك أن يطلع على فعلك هذا أحد فتفتضح عند الناس . ولا يكثر العتاب عليه حتى يسقط وقع الكلام من قلبه . وليكن الأب حافظا هيبته في الكلام والحركات معه . وينبغي للأم أن تخوفه بالأب . وينبغي أن يمنع من كل ما يفعله خفية ، فإنه لا يخفيه إلا وهو يعتقد أنه قبيح ، فإذا ترك يعود