إن وحدة الزي والمركز العلمي والمذهب ، قاسمٌ مشتركٌ بين طلبة الحوزة وعلمائها ، لكنها وحدة تتسع للتنوع بينهم ، إلى حد التضاد أحياناً . وفيما يلي تقسيمٌ عامٌّ لطلبة حوزة النجف عندما كنت فيها : 1 - الطلبة التقليديون ، الذين يغلب عليهم الاهتمام بالدراسة أكثر من غيرها ، وينتقدون مشاريع العصرنة السياسية أو الثقافية ، ويتَّبعون المراجع والعلماء ، ويعتبرون أنفسهم الامتداد الصحيح لمذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ولرواته وعلمائه وجمهوره . وكنت أنا وأمثالي نُصَنَّفُ من هؤلاء . 2 - المعجبون بعصرنا ثقافياً ، وهم مغرمون بالأدب والشعر ، والكتب الحديثة والمجلات والجرائد . منفتحون على الغرب ، وينتقدون التخلف في بلادنا ، ويدعون لأن تتحول الحوزة إلى جامعة كالجامعات العصرية . 3 - المعجبون بعصرنا سياسياً ، مضافاً إلى إعجابهم الثقافي ، وهم يؤيدون تيارات سياسية ، أو زعماء سياسيين ، وبعضهم يرتبط بهم ! فقد كان في الحوزة طلبة قوميون يؤيدون جمال عبد الناصر ، وكانوا كثرة نسبياً ، ومنهم من يرتبط بجهات سياسية ناصرية . كما كان فيها أفراد يميلون إلى الشيوعيين ، ويهاجمون المرجعية بحجة سوء نفقاتها ، وكانوا ينشرون الشائعات الكاذبة والخيالية عن إنفاقات المرجعية ! وكان في الحوزة أفراد قليلون يؤيدون البعثيين ، وبعضهم ذهب لاستقبال ميشيل عفلق في مطار بغداد !