كانت العروبة تعني لأستاذنا حكم الخط السني المعادي للشيعة ، والميزان عنده مصلحة الشيعة ، كما يفهمها ويقدرها ( رحمه الله ) . وفي السياسة اللبنانية كان ينتقد زعماء الشيعة لأنهم لا يخدمون طائفتهم ، ويضرب مثلاً لذلك تبليط طريق البياض ، ويقول : كلما راجعنا أحمد بك الأسعد يقول : مشايخ البياض علمائهم بيضاء وقلوبهم بيضاء ، ويعدنا ولا يفي ! وقد غير ولاءه التقليدي لبيت الأسعد إلى بيت الخليل ، لعلهم يخدمون ! لكن بيت الخليل لم ينجحوا في الانتخابات ، لأنهم محسوبون على رئيس الجمهورية كميل شمعون ، وهو متطرف ضد سياسة عبد الناصر ، بينما وقف أحمد الأسعد مع المعارضة ، وما سمي بالثورة على شمعون ! هكذا كان الجو السياسي في لبنان صراعاً بين خط عبد الناصر ومعه جمهور السنة ، وقسم من جمهور الشيعة ، وبين الخط الآخر ، ومعه جمهور المسيحيين وبعض المسلمين . وكان أكثر العلماء نفوذاً آية الله السيد شرف الدين ( رحمه الله ) ، فله احترام في أوساط الشيعة ، لكن غاية ما يمكنه فعله أن يخاطب الدولة أو الزعماء مطالباً ببعض الخدمات ، فلا يستجاب له ، أو يستجاب له جزئياً وشكلياً ! وأما زعماء الشيعة السياسيون ، فلم يكونوا أصحاب قدرة على الفعل المستقل ، بل يعيشون على الهامش في ظل النفوذ السني أو المسيحي .