على أن الفرق الأعمق تأثيراً في التدين هو فرق الشخصيات في صفاتها الذاتية والكسبية ، من المدنية والبداوة ، والشجاعة والجبن ، والرقة والقسوة ، والتهذيب والوقاحة ، فهي صفات تطبع تدين صاحبها بطابعها ! وكل هذه الفروق بين الشخصيات المتدينة ، إنما هي في تطبيق الإسلام ، والأهم منها جميعاً تأثير الصفات الشخصية على فهم الشخص للإسلام ! ألا ترى أن أصحاب الطموح والشجاعة هم أقرب الناس إلى العمل الإسلامي السياسي لإقامة دولة ، وهم طليعة هذه الحركات ومنظروها ؟ ويأتي هنا السؤال : هل تضر الذاتية في تدين الإنسان ؟ بمعنى أنه إذا كان في الإنسان صفة ما ، كالشجاعة والكرم ، وأثرت على فهمه للإسلام أو تطبيقه له ، فهل يؤاخذ يوم القيامة على خطئه ؟ مثلاً ، شخص طموح ، عرض عليه العمل للإسلام في تنظيم فقبل وانتظم ، وتعلم فهم الإسلام الحركي ، وعاش به واستشهد من أجله . وشخص متحفظ يخاف ، عرض عليه العمل للإسلام في تنظيم ، فخاف من المجتمع والسلطة ، فلم يقبل . هل يكونان معذورين بسبب صفاتهما ؟ أو شخص رأى غريقاً فلم ينقذه لأنه يخاف ، مع أنه يعرف السباحة . بينما نزل شخص شجاع لينقذه فغرق لأنه لا يعرف السباحة . فكيف يحاسبان ؟