لا دين لها ولا ضمير ، تخلق لها صنماً به لوثة في عقله وتعبده ، ولا تخشى الله وتنادي به رباً للعالمين ، وتُسخر موارد الدولة لتخلق منه زعيماً أوحداً ، ومنقذاً أعظم » . لكن الواقع أن فئات من الشعب كانت تحب عبد الكريم حباً حقيقياً ، حتى بعد أن قتله البعثيون عملاء عبد الناصر ، فقد كانت هذه الفئة الواسعة معجبة بحسه الشعبي ، وتشعر أنه منها ويمثل ضميرها ! وكان عبد الكريم يحب الجمهور ويتقرب إليه بكلامه وسلوكه ، كان يُخرج علبة التبغ ويلف سيجارة كعامة الناس ، ليشعرهم أنه منهم ومثلهم . وكان يَخرج من وزارة الدفاع في أوقات يأمن فيها ، ويقوم بجولات بين الناس ليراهم ويروه . وقد حدثني سكرتيره جاسم العزاوي وكان من الخالص ، أن عبد الكريم أيقظه يوماً قبل الفجر وقال له : جاسم قم شغِّل السيارة ، وركب معه وأمره أن يذهب من الجسر المعلق ، ثم إلى الكرادة ، ثم إلى قناة الجيش ، ومرَّ على مخبز الصَّمُّون ( الخبز الفرنجي ) في قصته المشهورة . قال العزاوي : ورأى عند قناة الجيش مجموعة نساء جئن من الريف باكراً ليبعن القيمر والرُّوب ( القشطة واللبن ) فأمرني بالوقوف ، ونزل وسلم عليهن ( السلام عليكن خالاتي ) وعرَّفهن بنفسه ، ففرحن به وهلهلن ، فتحدث معهن ، ثم ركب وقال لي : أرأيت أن الشعب يحبني ، وأنا أحبهم ! وسألته عن الإصلاح الزراعي وكان وزيره ، فقال : هو الإفساد الزراعي !