نام کتاب : الطفل بين الوراثة والتربية نویسنده : الشيخ محمد تقي فلسفي جلد : 1 صفحه : 153
إن الوضع الاعتيادي للبويضة هو في عنق الرحم ، والحيامن مأمورة - بحكم الهداية الإلهية الفطرية - أن توصل أنفسها إلى البويضة ، وتظهر جميع النشاطات في سبيل الوصول إليها . . . وتكون النتيجة أن أحد تلك الحيامن يلقح البويضة ويصير سبباً لظهور الانسان . وكما أشرنا سابقاً فإن تجارب العلماء قد أثبتت أن الخلايا تستمر في عملها حتى خارج البدن ، ولا تنسى واجبها ، ولهذا فإذا استطاع البروفسور الإيطالي من أن يضع بويضة المرأة في أنبوبة الاختبار بدلاً من عنق الرحم وهيأ الظروف اللازمة لذلك ، فإن الحيامن لا تقف عن أداء وظيفتها التي خلقت لأجلها ، بل نلقح البويضة هناك وتوجد طفلاً . وهكذا فإن لكل مجموعة من الخلايا وظيفة معينة ، تؤديها في محيطها الاعتيادي ، ولا تكف عن إتيانها في الظروف غير الاعتيادية أيضاً ، وهذا السر العظيم للخلقة دقيق إلى درجة أن العلماء لم يتوصلوا بعد إلى كثير من رموزه . « تتميز أنواع الخلايا بطريقتها في الحركة ، وفي اتحاد إحداها مع الأخرى وشكل مجموعاتها ، ودرجة نموها واستجابتها لمختلف الكيميائيات ، والمواد التي تفرزها والطعام الذي تحتاجه ، كما تتميز بشكلها وبنيانها . . . إن قوانين تنظيم كل مجموعة خلايا - أي كل عضو - مستمدة من هذه الخصائص العنصرية . وإذا كانت خلايا النسيج تملك فقط الصفات التي ينسبها علم التشريح لها ، لما كان في استطاعتها أن تنشئ جسماً حياً . . . انها تملك قوى أخرى ، تكون مخبأة عادة ولكنها تصبح فعالة حينما تستجيب لتغييرات معينة في الوسيط ، وهكذا تتاح لها فرصة علاج الحوادث غير المتوقعة إبان الحياة العادية أو في أثناء المرض . . . وتتحد الخلايا في جماهير كثيفة هي الأنسجة والأعضاء التي يتوقفها تنظيمها الهندسي على الاحتياجات التكوينية والوظيفية للجسم في مجموعة » [1] .