نام کتاب : الطفل بين الوراثة والتربية نویسنده : الشيخ محمد تقي فلسفي جلد : 1 صفحه : 354
الروحي . أما الماديون فإنهم يرون أن الوجدان الانساني يشبه الانسان نفسه في كونه وليداً للصدفة ، وواقعاً على سبيل الاتفاق . الإلهيون يرون أن الانقياد إلى أوامر الوجدان إنما هو انقياد للهداية التكوينية التي أوجدها الله الذي يجب الخير والسعادة للانسان ، وهم يرون أن الوجدان الأخلاقي قوة مقدسة ، ومشعل وضاء ، أشعله الخالق العظيم في باطن كل إنسان . ولذلك فإنهم ينظرون إلى هذه الثروة العظمية التي هي منحة الله تعالى بعين التكريم والاحترام . ويرون طريق الساعدة والفلاح منحصراً في تنفيذ أوامرها . أما الماديون فيرون أن الوجدان - وهو معلول للصدفة العمياء الصماء - لا يتصور له أي احترام أو تقديس ولا ضرورة في تنفيذ أوامره أصلاً ، لأنه لم يوجد تبعاً للعلم والمصلحة . الايمان وإحياء الفطريات : إن ما لا شك فيه أن إحياء المعرفة الفطرية وسيلة لحسن تنفيذ سائر الفطريات . فالذين يؤمنون بالله إيماناً واقعياً ويعملون على إيقاظ الفطرة التوحيدية في باطنهم ، يصغون إلى نداء الوجدان الأخلاقي بدقة وينفذون أوامره ، لأنهم يرون فيه إلهاماً إليهاً ، وهداية نحو السعادة . « إن افراد البشر في أي سن كانوا ، يستجيبون للاحساس في نشاطهم أكثر من استجابتهم للمنطق ، وبذلك يطيعون قوانين الحياة الصارمة إذا وجدوها مظهراً لإرادة الله تعالى لا قوة عمياء . . . برغبة أكثر . ولقد ثبت بالتجربة أن الانقياد إلى شخص واحد يكون أفضل بكثير من الانقياد إلى قاعدة . إن القوانين الطبيعية التي تخص حفظ الحياة ودوام التكاثر ، والتعالي النفسي تلقى سنداً ونفوذاً أكثر إذا استندت إلى المشيئة الإلهية » [1] .