نام کتاب : الطفل بين الوراثة والتربية نویسنده : الشيخ محمد تقي فلسفي جلد : 1 صفحه : 332
الوجدان وتعديل الهوى : يستطيع الراغبون في السعادة والساعون من أجلها ، أن يستفيدوا من عوامل عديدة لتعديل ميولهم . من تلك العوامل . العقل ، والوجدان ، والتعاليم الدينية . وحيث كنا نتحدث عن الوجدان الأخلاقي ، فيدور بحثنا هنا حول طرق الاستفادة منه في تعديل الغرائز والرغبات النفسانية . إن الوجدان الأخلاقي هو الدليل الظاهر والنافذ إلى الواقع المودع في باطن الانسان . وهو قوة قاهرة ، يدلك - بالفطرة - جميع أوجه الخير والشر ، ويهدي إلى الصراط المستقيم ، ويوصلهم إلى دار السعادة والسلام . قال الامام الصادق عليه السلام لرجل : « إنك قد جعلت طبيب نفسك ، وبين لك الداء وعرفت آية الصحة ودللت على الدواء . فانظر كيف قيامك على نفسك ؟ » [1] . فبواسطة الوجدان الأخلاقي والفطرة الانسانية يهتدي الانسان إلى معرفة أمراض نفسه وعلاجها كالطبيب ، ويستطيع الوصول إلى سلامة روحه . وفي غريزتي الشهوة والغضب القويتين ، وميل الانسان إلى المال والجاه تكمن نقطة انزلاق البشرية نحو الهاوية ، إن هوى النفس يدفع الانسان بأشد ما يمكن من القوة لتنفيذ رغباته ومتطلباته الغريزية ، وألا يجتنب في سبيل الوصول إلى هدفه من كل نشاط هدام ، في حين أن الوصول إلى الهدف يتطلب في بعض الأحيان الاتيان ببعض الأعمال اللا إنسانية وارتكاب الجرائم والجنايات . إن من القوى التي تستطيع التعديل من الغرائز ، وتقدر على وقاية الانسان من الانحراف والانزلاق في الهاوية وحفظ أذيال الفرد من التلوث بالجرائم : قوة الوجدان الأخلاقي . فمن حافظ على هذه الوديعة الإلهية في باطنه وأبقى سراج السعادة مضيئاً ، يستطيع الانتفاع من هداية الوجدان ويقي نفسه من كثير من الخيانات والجرائم .