نام کتاب : الطفل بين الوراثة والتربية نویسنده : الشيخ محمد تقي فلسفي جلد : 1 صفحه : 294
المستقيم يكون قد انسلخ عن الانسانية ، وإن بدا صلاحه وكان يطيل الركوع والسجود . إن الوجدان الأخلاقي إذا كان حراً ولم تعصف به عواصف الجبن والغضب يدرك الخير والشر بالالهام الإلهي ، ويستطيع أن يكتشف طريق سعادته من شقائه : « ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها » . عدالة الوجدان : إن الوجدان الأخلاقي يعتبر من أهم وأعظم العوامل التنفيذية للوقاية من الجرائم . فإنه الذي يوجه اللوم والتقريع إلى المجرم ، ويوجه نحوه بذلك أشد الضربات . إن الوجدان الأخلاقي أطهر وأقدس محكمة قضائية لمعالجة الجرائم والجنايات . وإن عدالة محكمة الوجدان تضارع عدالة المحكمة الإلهية في القيامة . . . فكما أن الله تعالى يحكم بين الناس بالحق في ذلك اليوم ، كذلك الوجدان الأخلاقي ، فإنه يحاسب المجرم ويجازيه ، ولهذه المناسبة بينهما فان الله تبارك وتعالى قد قرن النفس اللوامة بيوم القيامة في القرآن الكريم حين قال : « لا أقسم بيوم القيامة ، ولا أقسم بالنفس اللوامة » . « الأخلاق الصحيحة هي التي تستند على أساس احترام الوجدان . وإن الوجدان الأخلاقي يعمل دائماً للارتباط بالدين لأنه سر نشوء الاطمئنان والاعتماد . ولهذا فان الوجدان الأخلاقي يحكم في الأفعال بصورة عادلة وصحيحة بصورة كلية ، وذلك بخلاف العقيدة التي يمكن أن تؤثر فيها الدعايات بسهولة » . « إن احترام الوجدان الأخلاقي ليس منشأ الحرية والرفاه الاجتماعي فحسب ، بل إنه منشأ الهدوء النفسي أيضاً . والآن حيث لا يمكن الخروج على إطاعة الوجدان الأخلاقي ، فالأجدر أن نتقبل أوامره بكل ارتياح وشوق ونخضع لحكمه وعدالته . هذه الطاعة النفسية توجد سلوكاً حميداً ومفضلاً » [1] .