نام کتاب : الطفل بين الوراثة والتربية نویسنده : الشيخ محمد تقي فلسفي جلد : 1 صفحه : 163
لأحدث النظريات العلمية . . . وبصورة موجزة : نرى أن العلم قد أخذ طريقه إلى جميع مظاهر الحياة ، مضيئاً - كالشمس - كل مكان ، ومنظماً وسائل الراحة المادية والرفاه في العيش . المدنية والأمراض الروحية : . . . ولكن هذه الانتصارات التي أحرزها الانسان في مختلف الميادين لم تقدر على إيجاد التطامن الفكري والارتياح الروحي للبشر ، بل نجد الأمر على عكس ذلك ، فبنفس النسبة التي تتقدم فيها المدنية وتهيئ وسائل جلب اللذة والشهوات للبشر نجد أن اضطرابه وانزجاره ، شقاءه وبؤسه يزداد . إن الأمراض الروحية والعصبية والاختلالات العقلية والجنون أضحت مثل سحب سوداء وخطيرة قد سيطرت على أفق الدول المتمدنة بصورة فظيعة مخيفة . « لقد كتبت الجرائد الرسمية الأمريكية ، في مطلع هذا العام أن في العام الماضي بلغ مصرف الأقراص المنومة والمهدئة للأعصاب ، والخاصة للأمراض الروحية المستعملة في أمريكا مائتي مليون دولار . هذا الرقم الهائل إنما هو للأدوية المستعملة في حالات ضعف الأعصاب والقلق الفكري ، أما الأقراص المسكنة للأوجاع أمثال الأسبرين فإنها تشمل مبالغ طائلة أخرى من ميزانية الدولة » [1] إن الدول العظمى في العالم تعمل على استئصال جذور الأمراض المختلفة بمختلف الوسائل العلمية والتطبيقية ، لتخلص شعوبها من شر التيفوئيد والهيضة والملاريا ونحوها ، ولكنها بدلاً عن ذلك قد ملأت المستشفيات بالمصابين بالأمراض الروحية والعقلية ، وتزيد من عددهم الهائل يوماً بعد يوم . « ومن العجيب أن الأمراض العقلية أكثر عدداً من جميع الأمراض الأخرى مجتمعة . ولهذا فإن مستشفيات المجاذيب تعج بنزلائها