responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطفل بين الوراثة والتربية نویسنده : الشيخ محمد تقي فلسفي    جلد : 1  صفحه : 117


« عن أمير المؤمنين أنه قال لرجل - سأله بعد انصرافه من الشام - فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن خروجنا إلى الشام أكان بقضاء وقدر ؟ قال عليه السلام : نعم يا شيخ ، ما علوتم تلعة ولا هبطتم وادياً إلا بقضاء الله وقدره . . . » .
« فقال الشيخ : عند الله احتسب عنائي يا أمير المؤمنين ؟ » أي : فليس لأتعابنا التي تحملناها في سفرنا هذا من أجر عند الله . . . ؟
فيجيب الامام ( ع ) :
« مه يا شيخ ، فان الله قد عظم أجركم في مسيركم وأنتم سائرون ، وفي مقامكم وأنتم مقيمون ، وفي انصرافكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شيء من أموركم مكرهين ولا إليه مضطرين ، لعلك ظننت أنه قضاء حتم وقدر لازم ؟ ! لو كان ذلك لبطل الثواب والعقاب ، ولسقط الوعد والوعيد » [1] .
فنجد الامام عليه السلام في هذا الحديث ينسب جميع الأفعال الإرادية للبشر إلى القضاء والقدر الإلهي . ولكنه مع ذلك يقول : إن هذا القضاء لم يكن حتمياً والقدر لم يكن لازماً . وبنفس المضمون ورد حديث آخر عن الامام الرضا عليه السلام يسأل فيه الراوي عن معنى الأمر بين الأمرين فيقول : « فما أمر بين أمرين ؟ فقال : وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا وترك ما نهوا عنه » [2] .
الأمر بين الأمرين [3] :
وهنا يسأل الراوي : « فقلت له : فهل لله عز وجل مشية وإرادة في



[1] تحف العقول ص 468 .
[2] بحار الأنوار ج 3 ص 5 .
[3] تنقسم المذاهب الاسلامية بالنسبة إلى موضوع ( حرية الإرادة عند الانسان ) إلى ثلاث فرق : فطائفة ترى أن للانسان الحرية الكاملة في إتيان ما يريد وترك ما يشاء ، وهؤلاء هم ( المفوضة ) حيث يقولون بأن الله فوض إليهم الأمور . وطائفة ثانية ترى أن الانسان لا يملك أي حرية في أفعاله بل أفعاله في الحقيقة هي أفعال الله التي خلقها فيه ، وهؤلاء هم ( المجبرة ) حيث يقولون بأن الله أجبرهم على أفعالهم . والطائفة الثالثة تقف موقفا وسطاً بين الافراط في حق الإرادة الانسانية والتفريط فيها وهي التي ترى أن ( لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين ) وهؤلاء هم ( الامامية ) . وأول من عبر عن هذا الاصطلاح عندهم إمامهم السادس جعفر بن محمد الصادق ( رئيس المذهب الجعفري ) . ولقد كثر البحث والنقاش في الاستدلال على صحة أحد هذه المذاهب الثلاثة ، ولكن المثال الآتي يؤيد صحة استناد أفعالنا إلى إرادتنا وحريتنا ، في حين كونها مسيرة بإرادة الله أيضاً ويثبت حقانية مذهب الأمامية في الموضوع . لنفرض إنساناً كانت يده شلاء لا يستطيع تحريكها بنفسه . وقد استطاع الطبيب بأن يوجد فيها حركة إرادية وقتية بواسطة قوة الكهرباء بحيث أصبح الرجل يستطيع تحريك يده بنفسه متى وصلها الطبيب بسلك الكهرباء وإذا انفصلت عن مصدر القوة لم يمكنه تحريكها أصلاً . فتحريك المريض يده والطبيب يمده بالقوة في كل آن يوضح الأمر بين الأمرين ، حيث لا تستند الحركة إلى الرجل مستقلاً لأنها موقوفة على إيصال القوة إلى يده ، وقد فرضنا أنها بفعل الطبيب . ولا تستند إلى الطبيب مستقلاً ، لأن التحريك قد أصدره الرجل بإرادته ، فالفاعل لم يجبر على فعله لأنه مريد ولم يفوض إليه الفعل لأن المدد من غيره ، وهكذا فالأفعال الصادرة منا بمشيئتنا ، ولكننا لا نشاء شيئاً إلا بمشيئة الله . ولتفصيل الموضوع يراجع كتب العقائد والكلام المفصلة . وكذلك تجد رد شبهة الجبر بالتفصيل في كتاب ( دفاع عن العقيدة ) ص 135 - 151 : للمترجم .

117

نام کتاب : الطفل بين الوراثة والتربية نویسنده : الشيخ محمد تقي فلسفي    جلد : 1  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست