نام کتاب : الطفل بين الوراثة والتربية نویسنده : الشيخ محمد تقي فلسفي جلد : 1 صفحه : 116
قضاءان : الأول صدور التكلم من اللسان بالتقدير الإلهي . والثاني اختيارية التكلم ، وإراديته أيضاً بالتقدير الإلهي . ومن هنا يتضح جلياً أن القضاء والقدر قد يجريان بصورة جبرية . وأحياناً يقع القضاء الحتمي بواسطة قدر اختياري لنا . فمثلاً نجد أن الموت أمر مسلم وحتمي على جميع البشر بحكم القضاء الإلهي ، وهو صريح قوله تعالى : « كل نفس ذائقة الموت » . ولكن هذا القضاء الحتمي قد يتم بنحو الموت الطبيعي وانقطاع النشاط الحيوي . كما يمكن أن يتم بإرادة واختيار من قبل شاب يملك من القوة وسلامة البدن ما تجعل باستطاعته أن يعيش سنين طوالاً فيقدم على الانتحار . وهكذا فالشيخ الذي عمر مائة سنة حتى مات حتف أنفه ، والشاب الذي لم يعش أكثر من عشرين سنة حتى انتحر بإرادته واختياره متساويان في أنهما ماتا بقضاء الله وقدره ، مع فارق واحد وهو أنه في الصورة الأولى كان القضاء والقدر حتميين غير اختياريين ، بينما في الصورة الثانية إستغل الشاب حرية الاختيار بالنسبة إلى القضاء والقدر وأنهى بذلك حياته . وعلى هذا يجب أن لا نستغرب من قول الراوي عن الرضا ( ع ) حيث يقول : « سمعت الرضا عليه السلام يقول : كان علي بن الحسين ( ع ) إذا ناجى ربه قال : اللهم إني قويت على معاصيك بنعمك » [1] ومعنى هذه الرواية أن الذي يقدم على المعصية إنما يستغل نعمة الحرية والاختيار التي وهبها الله له بالقضاء والقدر استغلالاً سيئاً ، فيصاب بالانحراف . إرادتنا واختيارنا : النقطة التي تزل عليها الأقدام - غالباً - هي أن الناس متى سمعوا اسم القضاء والقدر ظنوا أنه حتمي وجبري . في حين أن الحق ليس كذلك ، فقد يتمثل القضاء والقدر الإلهي في اختيار الناس وإرادتهم . وهناك حديث عن الامام علي بن أبي طالب ( ع ) يؤيد هذا الموضوع بوضوح :