نام کتاب : الطفل بين الوراثة والتربية نویسنده : الشيخ محمد تقي فلسفي جلد : 1 صفحه : 114
ففي هذه الصور ، حيث تعتبر تلك الصفات الوراثية قضاء حتمياً وقدراً لازماً بالنسبة للطفل تقف التربية عن التأثير أيضاً . ولأجل أن نلفت أذهان المستمعين الكرام إلى هذه الحقيقة بصورة أوضح لابد من البحث بصورة موجزة عن القضاء والقدر والمصير ، ثم ندخل إلى صلب الموضوع . فهناك الكثيرون ممن يؤدي بهم الجحود أو الجهل إلى أن ينكروا تأثير القضاء والقدر إنكاراً تاماً زاعمين أنهما أمران وهميان لا أكثر . كما أن هناك طائفة أخرى في قبال هذه الطائفة تخضع جميع الوقائع والأحداث - جهلاً بحقائق الدين والعلم - إلى القضاء والقدر الحتميين ، ويرون أن البشر عاجز عن مقابلتها أو حفظ نفسه عنها . ولكن الواقع أن العالم كله يدور على أساس القضاء والقدر وعلى أساس مقاييس وقوانين دقيقة . معنى القدر : يقول الله تعالى في القرآن الحكيم : « إنا كل شيء خلقناه بقدر » [1] فأصغر الذرات الأرضية وأكبر الأجرام السماوية قد خلقت كلها على أساس مقياس دقيق وتقدير صحيح ، كل قد انتظم في مكانه الخاص به . . . وهذا هو معنى القدر . إن عالماً فلكياً يستفيد من هذا التقدير العظيم والحساب الدقيق فيتوصل بمحاسباته الرياضية إلى التنبؤ عن وقت خسوف القمر ومدة الخسوف ومقداره قبل أشهر عديدة . فإذا لم يكن وضع الشمس وحركة القمر على أساس نظام متين ثابت لا يتغير ، فإنه يستحيل على الفلكي أن يصل إلى هذا التنبؤ . وبهذا الصدد يتحدث القران الكريم عن حركة الشمس والقمر فيقول « الشمس والقمر بحسبان » [2] . وهكذا ، فإذا وجدنا الفضاء الفسيح بأجرامه العظيمة منظماً وثابتاً ، وإذا كانت قطعة من الحجر تنسحب من الفضاء إلى المركز بفعل جاذبية الأرض ، وإذا خرجت البذرة من تحت سطح الأرض بصورة نبتة ، وإذا وجدنا النطفة تنمو
[1] سورة القمر ، الآية : 49 . [2] سورة الرحمن ، الآية : 5 .
114
نام کتاب : الطفل بين الوراثة والتربية نویسنده : الشيخ محمد تقي فلسفي جلد : 1 صفحه : 114