نام کتاب : الخير والبركة في الكتاب والسنة نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 187
على هذا الضوء ، يتعامل الإسلام مع جميع الجهود التي تُبذل على طريق تحقيق البركات المادّية بوصفها عبادة إذا انطلقت من دوافع صحيحة وسارت باتجاه بناء الإنسان ، وأنّها تساهم في ظهور البركات المادّية والمعنوية بعضاً إلى جوار بعض . دور نظام التكوين في تكامل الإنسان إنّ التأمّل في ما جاء في القسمين الأوّل والثاني من هذه المجموعة تحت عنوان " أسباب الخير " و " أسباب البركة " ، يشير إلى أنّ خالق الوجود قد أودع في نظام التكوين جميع إمكانات التكامل المادّي والمعنوي ومتطلّبات هما من الداخل والخارج ؛ من أجل تكامل الإنسان ، وأنّه قد أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة . على أنّ ما يتداعى من الآية الكريمة : ( أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) ( 1 ) ، أنّ الإنسان وُهب من الداخل ( الباطن ) العقل والفطرة والقُوى الباطنية ، وزُوّد من الخارج بالوحي الذي جاء مُعيناً للعقل والفطرة ، وأنّ نظام التكوين سخّر للإنسان ما في السماء والأرض لكي يقطع المسار الذي حدّدته " الفطرة " و " العقل " و " الوحي " له ، وليستفيد من بركات ذلك كلّه ، ويوظّفه لتحقيق تكامله وبلوغ مقصد الإنسانية والكمال المطلق ولقاء الله جلّ جلاله . يتّضح ممّا مرّ أنّ جميع القيم الاعتقادية والأخلاقية والعملية ، وكل ما هو مسخّر للإنسان في الأرض والسماء ، ينطوي على " الخير " و " البركة " . وإذا ما جاء في النصوص الإسلامية ما يصف عدداً من ضروب الأخلاق والأعمال الصالحة بأنّها خير ، وإذا ما سجّلت تلك النصوص بأنّ بعض الأمكنة والأزمنة والحيوانات
1 . لقمان : 20 .
187
نام کتاب : الخير والبركة في الكتاب والسنة نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 187