ولما قال النُّميري : يا صاحِبيّ دنا الرّواح فسِيرا * غَلَبَ الفَرَزْدَقُ في الهجاءِ جريرا دعا جرير بعض أصحابه ، وقال : اكتب عنِّي : أقلِّي اللومَ عاذلَ والعِتابا * وقولي إنْ أصبتُ لقد أصابا قال كاتبه : فكتبت وهو يفكر فأخذتني سِنَةٌ فصاح ووثب فكاد رأسه يُصيب السقف ، وقال : اكتب ، فوالله أخزيتُه ولن يُفلح بعدها أبداً : فغُضّ الطرفَ إنَّك من نُمَيْرٍ * فلا كعباً بلغتَ ولا كلابا وكنتَ متى نزلتَ بدارِ قوْمٍ * رحلتَ بخِزْيةٍ وتركتَ عابا فما أفلح النميري بعدها وخرج هارباً إلى البادية فما اجتاز بحيٍّ من أحياء العرب إلا وقد سبقه الهجاء إليه ، ولمَّا ورد حيّ قومه قالوا : بئسما جئتنا به ، ومن هذه الأبيات يهجو أُمَّ النميري : لها وَضَحٌ بجانب اسْكتيها * كعنفقةِ الفرزْدَقِ حينَ شابا