ولو لم يخالطه دم غال لونه * لما مال حادي العيس عن قصد ورده أأحبابنا هل ذلك العيش راجع * بمقتبل غض الصبا مستجده وإنَّ على الماءِ الذي تردونه * غزالاً بجلد الماء رقة جلده يغار ضياء البدر من نور وجهه * وبخجل غصن البان من لين قدّه السيد محيي الدين يوسف بن يوسف بن زيلاق الكاتب الهاشمي الموصلي ، يضرب به المثل في العدالة ، وله الرتبة العليا في الشرف والأصالة ، فارس مبارز في حلبات الأدب ، وعالم مبرز في لغة العرب بطبعٍ أخذ لطافة الهواء ورقة الماء ، كأنما ظهرت له أسرار القلوب فهو يتقرب إليها بكل محبوب ، شعره أحسن من الروض جاده الغمام ، وأزهى من اللؤلؤ الرطب زانه النظام ، وكلامه يشفي السقام ويطفي الأوام ، وبديهته أسرع من الطرف وأحلى من ثمار المنى دانية القطف ، حسن العشرة ، كريم النفس ، جامع بين أدبها وأدب الدرس ، أجاز لي قبل اجتماعي به أن أروي عنه ما تصح روايته من معقول ومنقول ، وكتب بذلك إليّ ، وكان بيني وبينه مكاتبات ومراسلات ، فلما اجتمعت به وتجاذبنا أطراف الكلام وتجارينا في وصف النثر والنظام ، وعاشرته مدة فملأ سمعي ببدائع فرائده التي هي أحسن من الدرر في قلائده ، وطلبت أن يأذن لي في الرواية عنه فاعتذر اعتذار خجل وأطرق إطراق وجل ، وقال : يا فلان أنا والله أجلك عن هذا الهذر وأنت أولى من عذر فإني لم أكن بك خبيراً قبل الاجتماع ولا ريب أن العيان يخبر بما لا يعبر عنه السماع