ولم يكن في شغفه بالعلم مجرد هاو يتصفح الكتب ، أو يأخذ من العلم ما يناسب رغبته وهواه ، أو يكتفي بتعرف عناوين المسائل ورؤوس المواضيع ، ولكنه كان مثالا للباحث المدقق ، والعالم المحقق يغوص وراء دقائق المسائل ، ومعضلات الأمور ، يستجلي الغامض ويستكشف المجهول ، يساعده على ذلك جلد عجيب على التتبع ، وصبر لا يجارى فيه على البحث . ولذلك اتسعت معارفه ، وتنوعت علومه - فكان أصوليا من كبار الأصوليين ، وفقيها من الفقهاء ، ومتكلما من فحول المتكلمين ، ومفسرا من أئمة المفسرين ، وفيلسوفا ولغويا ونحويا وشاعرا وخطيبا ومربيا . ولذلك لقبه أصحابه الشافعية والأشاعرة " بالامام " في سائر كتبهم الأصولية والفقهية والكلامية ، فإذا أطلق لقب " الامام " في هذه الكتب فالمراد به الامام فخر الدين الرازي ( 1 ) . وكان يدعى في " هراة " ب " شيخ الاسلام " ( 2 ) . وقد جمع الله - تعالى - له خمسة أشياء ما جمعها الله لغيره في عصره : سعة العبارة في القدرة على الكلام ، وصحة الذهن ، والاطلاع الذي لا مزيد عليه ، والحافظة المستوعبة التي تعينه على ما يريد من تقرير الأدلة والبراهين ( 3 ) . ولقد ترك الإمام الرازي في كل علم من العلوم - المعروفة في زمانه - مؤلفات