قال ابن أبي أصيبعة : وسرد الوصية إلى آخرها . ثم قال : ( وأوصيه ، ثم أوصيه ثم أوصيه : بأن يبالغ في تربية ولدي " أبي بكر " فإن آثار الذكاء والفطنة ظاهرة عليه ، ولعل الله - تعالى - يوصله إلى خير . وأمرته وأمرت كل تلامذتي ، وكل من لي عليه حق أني إذا مت يبالغون في إخفاء موتي ، ولا يخبون أحدا به ، ويكفنوني ، ويدفنوني على شرط الشرع ، ويحملونني إلى الجبل المصاقب لقرية " مزداخان " ( 1 ) ويدفنوني هناك ، وإذا وضعوني في اللحد قرأوا علي ما قدروا من إلهيات القرآن ، ثم ينثرون التراب علي وبعد التمام يقولون : يا كريم جاءك الفقير المحتاج فأحسن إليه . وهذا منتهى وصيتي في هذا الباب والله - تعالى - الفعال لما يشاء ، وهو على ما يشاء قدير ، وبالاحسان جدير ) ( 2 ) . 12 - وفاته : بعد أن لاقى - رحمه الله - في حياته الحافلة ما لاقى من أذى الخصوم - حط عصا الترحال في " هراة " ، وسكن الدار التي كان قد أهداها له السلطان " خوارزم شاه " ولم يتركه خصومه يخلد إلى الراحة ، بل استمروا يعملون للنيل منه حتى بلغ من فجور بعضهم في الخصومة : أنهم كانوا يرفعون إليه الرقع في مجالس درسه ووعظه وفيها : " أن ابنه يفسق ويزني ، وأن امرأته كذلك " . وكان - رحمه الله - يقابل ذلك بصبر العلماء ، وحلم الحكماء ، وجلد الأتقياء ، ويجيب عن تلك الرقع بنحو قوله : " إن هذه الرقعة تتضمن أن ابني يفسق ويزني . . وذلك مظنة الشباب فإنه شعبة من الجنون ، ونرجو من الله - تعالى - اصلاحه والتوبة ، وأما امرأتي فهذا شأن النساء