بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله ، نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ، أرسله الله بشيرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، وبعد :
فهذه طبعة جديدة من كتاب « البحر المحيط في أصول الفقه » للإمام الزركشي ، الشافعي مذهبا ، والمتوفى سنة 794 ه‌ ، وقد راودتني فكرة إخراج هذا الكتاب في صورة لائقة به - من حيث ضبط نصوصه وتخريج أحاديثه والتعليق عليه - لعدة أمور ، منها :
1 - أن رسالتي في الدكتوراه في أصول الفقه المقارن بين ابن حزم الأندلسي الظاهري والأئمة الأربعة [1] ، فكنت أرجع كثيرا إلى كتاب البحر المحيط أولا قبل القراءة في كتب المذاهب المهتمة ببيان مذهبها ، وذلك لأخذ فكرة عامة عن الموضوع الذي أبحثه ومعرفة مدى الاختلاف الواقع فيه . ورجوعي إلى الكتاب - كثيرا - هداني إلى فكرة إخراجه وخدمته وإعادة نشره بين طلبة العلم .
2 - أنني رأيت في هذا الكتاب المبارك أنه موسوعة أصولية بحق ، ومن ثم أطلق عليه مؤلفه الإمام الزركشي « البحر المحيط في أصول الفقه » وهو - بحق - بحر محيط ، إذ جمع فيه مؤلفه مسائل أصول الفقه كلها ، فما من مسألة من مسائل الأصول إلا رأيتها فيه مسطرة ، لا بطريقة الإيجاز ، وإنما بالاستيعاب وإيراد كثير مما قاله أهل العلم في تلك المسألة .
3 - أن هذا الكتاب المبارك يعد كنزا وثروة ؛ حيث إن مؤلفه قد اطلع على كتب ومؤلفات في أصول الفقه ليست موجودة بين أيدينا ، وكثير منها لم يصلنا حتى في صورة مخطوط ، وقد حرص الإمام الزركشي على النقول من تلك الكتب الكثيرة