responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 8


وكل ما قلنا فلم نقله جزافا ، بل لم نقل كلمة في ذلك كله إلا مما قاله الله تعالى شاهدا بصحته ، وميزه العقل ، عالما بحقيقته ، والحمد لله رب العالمين . وإن الله عز وجل ابتلى الأمم السالفة بأنبياء ابتعثهم إلى قومهم خاصة ، فمؤمن وكافر ، فريق في الجنة وفريق في السعير . ثم إنه تعالى بعث نبيه المختار ، وعبده المنتخب من جميع ولد آدم ، محمدا صلى الله عليه وسلم الهاشمي المكي ، إلى جميع خلقه من الجن والإنس ، فنسخ بملته جميع الملل ، وختم به الرسل ، وخصه بهذه الكرامة وسوده على جميع أنبيائه ، واتخذ صفيا ونجيا وخليلا ورسولا فلا نبي بعده ، ولا شريعة بعد شريعته إلى انقضاء الدنيا .
وإذ قد تيقنا أن الدنيا ليست دار قرار ، ولكنها دار ابتلاء واختبار ومجاز إلى دار الخلود ، وصح بذلك أنه لا فائدة في الدنيا وفي الكون فيها إلا العلم بما امر به عز وجل وتعليمه أهل الجهل والعمل بموجب ذلك ، وإن ما عدا هذا مما يتنافس فيه الناس من بعد الصوت ، غرور ، وأن كل ما تشره إليه النفوس الجاهلة من غرض خسيس ، خطأ ، إلا ما قصد به إظهار العدل وقمع الزور ، والحكم بأمر الله تعالى وبأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإحياء سنن الحق ، وإماتة طوالع الجور .
وإن ما تميل إليه النفوس الخسيسة من اللذات بمناظر مألوفة متغيرة عما قليل ، وأصوات مستحسنة ، متقضية بهبوب الرياح ، ومشام مستطرفة ، منحلة بعيد ساعات ، ومذاوق مستعذبة ، مستحلية في أقرب مدة أقبح استحالة ، وملابس معجبة ، متبدلة في أيسر زمان تبدلا موحشا ، باطلا .
وإن كل ما يشغل به أهل فساد التمييز من كسب المال المنتقل عما قريب فضول ، إلا ما أقام القوت وأمسك الرمق ، وأنفق في وجوه البر الموصلة إلى الفوز في دار البقاء ، كان أفضل ما عاناه المرء العاقل بيان ما يرجو به هدى أهل نوعه ، وإنقاذهم من حيرة الشك وظلمة الباطل ، وإخراجهم إلى بيان الحق ونور

نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 8
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست