نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 30
إلا أننا لا ننكر اصطلاح الناس على إحداث لغات شتى بعد أن كانت لغة واحدة وقفوا عليها ، بها علموا ماهية الأشياء وكيفياتها وحدودها ، ولا ندري أي لغة هي التي وقف آدم عليه السلام عليها أولا ، إلا أننا نقطع على أنها أتم اللغات كلها ، وأبينها عبارة ، وأقلها إشكالا ، وأشدها اختصارا وأكثرها وقوع أسماء مختلفة على المسميات كلها المختلفة من كل ما في العالم من جوهر أو عرض لقول الله عز وجل : * ( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ) * فهذا التأكيد يرفع الاشكال ويقطع الشغب فيما قلنا . وقد قال قوم : هي السريانية وقال قوم : هي اليونانية : وقال قوم : هي العبرانية . وقال قوم هي العربية . والله أعلم . إلا أن الذي وقفنا عليه وعلمناه يقينا أن السريانية والعبرانية والعربية هي لغة مضر وربيعة لا لغة حمير ، لغة واحدة تبدلت بتبدل مساكن أهلها فحدث فيها جرش كالذي يحدث من الأندلسي ، وإذا رام نغمة أهل القيروان ، ومن القيرواني إذا رام نغمة الأندلسي ، ومن الخراساني إذا رام نغمتها . ونحن نجد من سمع لغة أهل فحص البلوط وهي على ليلة واحدة من قرطبة كاد أن يقول إنها لغة أخرى غير لغة أهل قرطبة . وهكذا في كثير من البلاد فإنه بمجاورة أهل البلدة بأمة أخرى تتبدل لغتها تبديلا لا يخفى على من تأمله . ونحن نجد العامة قد بدلت الألفاظ في اللغة العربية تبديلا وهو في البعد عن أصل تلك الكلمة كلغة أخرى ولا فرق . فنجدهم يقولون في العنب : العينب وفي السوط أسطوط . وفي ثلاثة دنانير ثلثدا . وإذا تعرب البربري فأراد أن يقول الشجرة قال السجرة . وإذا تعرب الجليقي أبدل من العين والحاء هاء فيقول مهمدا إذا أراد أن يقول محمدا . ومثل هذا كثير . فممن تدبر العربية والعبرانية السريانية أيقن أن اختلافهما إنما هو من نحو ما ذكرنا من تبديل ألفاظ الناس على طول الأزمان واختلاف البلدان ومجاورة الأمم . وأنها لغة واحدة في الأصل . وإذ تيقنا ذلك فالسريانية أصل للعربية وللعبرانية معا ، والمستفيض أن
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 30