نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 26
قال أبو محمد : فموسى صلى الله عليه وسلم وضع الملامة في غير موضعها ، فصار محجوجا ، وذلك لأنه لام آدم صلى الله عليه وسلم على أمر لم يفعله ، وهو خروج الناس من الجنة ، وإنما هو فعل الله عز وجل ، ولو أن موسى لام آدم على خطيئته الموجبة لذلك لكان واضعا للملامة موضعها ، ولكان آدم محجوجا وليس أحد ملوما إلا على ما يفعله لا على ما تولد من فعله ، ولا مما فعله غيره . والكافر إنما يلام على الفعل ، لا على دخول النار ، والقاتل إنما يلام على فعله ، لاعلى موت مقتوله ولا على أخذ القصاص منه . فعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث كما ترى كيف نسأل عند المحاجة ، وبين لنا صلى الله عليه وسلم أن المحاجة جائزة ، وأن من أخطأ موضع السؤال كان محجوجا ، وظهر بذلك قول الله عز وجل : * ( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ) * . والذي ذكرنا هو نص الحديث لا ما ظنه من يتعسف الكلام ويحرفه عن مواضعه ، ويطلب فيه ما ليس فيه ، وليس هذا الحديث من باب إثبات القدر في شئ ، وإثبات القدر إنما يصح من أحاديث أخر وآيات أخر . قال أبو محمد : وقد تحاج المهاجرون والأنصار وسائر الصحابة رضوان الله عليهم ، وحاج ابن عباس الخوارج بأمر علي رضي الله عنه ، وما أنكر قط أحد من الصحابة الجدال في طلب الحق . فلا معنى لقول لمن جاء بعدهم . وبالجملة فلا أضعف ممن يروم إبطال الجدال بالجدال . ويريد هدم جميع الاحتجاج بالاحتجاج ، ويتكلف فساد المناظرة بالمناظرة ، لأنه مقر على نفسه أنه يأتي بالباطل ، لان حجته هي بعض الحجج التي يريد إبطال جملتها . وهذه طريق لا يركبها إلا جاهل ضعيف ، أو معاند سخيف . والجدال الذي ندعو إليه هو طلب الحق ونصره . وإزهاق الباطل وتبينه . فمن ذم طلب الحق وأنكر هدم الباطل فقد ألحد . وهو من أهل الباطل حقا . والخصام بالباطل هو اللدد الذي قال فيه عليه السلام : أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم أو كما قال صلى الله عليه وسلم . فإذا قد بطلت كل طريق ادعاها خصومنا في الوصول إلى الحقائق من الالهام
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 26