نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 128
قال أبو محمد : وهذا باطل لأنه تقسيم فاسد لا برهان عليه ، بل البرهان يبطله وذلك أنه لا يخلو كل أحد في الأرض من أن يكون فاسقا أو غير فاسق ، فإن كان غير فاسق كان عدلا ، ولا سبيل إلى مرتبة ثالثة ، فالعدل ينقسم إلى قسمين : فقيه وغير فقيه ، فالفقيه العدل مقبول في كل شئ ، والفاسق لا يحتمل في شئ ، والعدل غير الحافظ لا تقبل نذارته خاصة في شئ من الأشياء ، لان شرط القبول الذي نص الله تعالى عليه ليس موجودا فيه ، ومن كان عدلا في بعض نقله ، فهو عدل في سائره ، ومن المحال أن يجوز قبول بعض خبره ، ولا يجوز قبول سائره إلا بنص من الله تعالى أو إجماع في التفريق بين ذلك ، وإلا فهو تحكم بلا برهان ، وقول بلا علم ، وذلك لا يحل . قال علي : وقد غلط أيضا قوم آخرون منهم ، فقالوا : فلان أعدل من فلان وراموا بذلك ترجيح خبر الأعدل على من هو دونه في العدالة . قال علي : وهذا خطأ شديد ، وكان يكفي من الرد عليهم أن نقول لهم : إنهم أبرك الناس لذلك ، وفي أكثر أمرهم يأخذون بما روى الأول عدالة ويتركون ما روى الأعدل ، ولعلنا سنورد من ذلك طرفا صالحا إن شاء الله تعالى ، ولكن لا بد لنا بمشيئة الله تعالى من إبطال هذا القول بالبرهان الظاهر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . فأول ذلك : أن الله عز وجل لم يفرق بين خبر عدل ، وخبر عدل آخر أعدل من ذلك ، ومن حكم في الدين بغير أمر من الله عز وجل ، أو من رسوله عليه السلام ، أو إجماع متيقن مقطوع به منقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قفا ما ليس له به علم ، وفاعل ذلك عاص لله عز وجل ، لأنه قد نهاه تعالى عن ذلك ، وإنما أمر تعالى بقبول نذارة النافر الفقيه العدل فقط ، وبقبول شهادة العدول فقط ، فمن زاد حكما فقد أتى بما لا يجوز له ، وترك ما لم يأمره الله تعالى بتركه ، وغلب ما لم يأمره الله عز وجل بتغليبه . قال علي : وأيضا فقد يعلم الأقل عدالة ما لا يعلمه من هو أتم منه عدالة ، وقد جهل أبو بكر وعمر ميراث الجدة ، وعلمه المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة وبينهما وبين أبي بكر وعمر بون بعيد إلا أنهم كلهم عدول ، وقد رجع أبو بكر إلى
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 128