نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 120
حق إذا كانت من رواية الثقات خاصة ؟ أم كلها باطل ؟ أم فيها حق وباطل ؟ فإن قالوا : فيها حق وباطل وهو قولهم . قلنا لهم : هل يجوز أن تبطل شريعة أوحى الله تعالى بها إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ليبينها لعباده حتى يختلط بكذب وضعه فاسق ونسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أو وهم فيها وأهم فيختلط الحق المأمور به مع الباطل المختلق اختلاطا لا يتميز به الحق من الباطل أبدا لاحد من الناس ، وهل الشرائع الاسلامية كلها محفوظة لازمة لنا أو هي غير محفوظة ، ولا كلها لازم لنا ، بل قد سقط منها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ، وهل قامت الحجة علينا لله تعالى فيما افترض من الشرائع بأنها بينة لنا متميزة مما لم يأمرنا به ، أو لم تقم لله تعالى علينا حجة في الدين لان كثيرا منه مختلط بالكذب غير متميز منها أبدا ؟ . فإن أجازوا اختلاط شرائع الدين التي أوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بما ليس في الدين ، وقالوا : لم تقم لله تعالى علينا حجة فيما أمرنا به . دخل عليهم في القول بفساد الشريعة ، وذهاب الاسلام ، وبطلان ضمان الله تعالى بحفظ الذكر كالذي دخل على غيرهم حرفا بحرف ، سواء بسواء ، ولزمهم أنهم تركوا كثيرا من الدين الصحيح كما لزم غيرهم سواء بسواء ، أنهم يعملون بما ليس من الدين ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بطل بيانه ، وأنه حجة الله تعالى بذلك لم تقم علينا سواء بسواء ، وفي هذا ما فيه . فإن لجأوا إلى الاقتصار على خبر التواتر ، لم ينفكوا بذلك من أن كثيرا من الدين قد بطل لاختلاطه بالكذب الموضوع ، وبالموهوم فيه ، ومن جواز أن يكون كثير من شرائع الاسلام لم ينقل إلينا ، إذ قد بطل ضمان حفظ الله تعالى فيها ، وأيضا فإنه لا يعجز أحد أن يدعي في أي خبر شاء أنه منقول نقل التواتر ، بل أصحاب الاسناد أصح دعوى في ذلك ، لشهادة كثرة الرواة وتغير الأسانيد لهم بصحة قولهم في نقل التواتر وبالله تعالى التوفيق . فإن لجأ لاجئ إلى أن يقول بأن كل خبر جاء من طريق الآحاد الثقات ، فإنه كذب موضوع ليس منه شئ قاله قط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقلنا وبالله تعالى التوفيق : هذه مجاهرة ظاهرة ، ومدافعة لما نعلم بالضرورة خلافه ، وتكذيب لجميع الصحابة أولهم عن آخرهم ، ولجميع فضلاء التابعين ، ولكل إنسان
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 120