نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 118
القطع بتخليد الكفار في النار أو تخليد المؤمنين في الجنة ، ولا فرق ولم يجز القول بالظن في شئ من ذلك كله . فإن قالوا : أنتم تقولون : إن الله تعالى أمرنا بالحكم بما شهد به العدل مع يمين الطالب وبما شهد به العدلان فصاعدا ، وبما حلف عليه المدعى عليه ، إذا لم يقم المدعي بينة في إباحة الدماء المحرمة ، والفروج المحرمة ، والأبشار المحرمة ، والأموال المحرمة ، وكل ذلك بإقراركم ممكن أن يكون في باطن الامر بخلاف ما شهد به الشاهد ، وما حلف عليه الحالف ، وهذا هو الحكم بالظن الذي أنكرتم علينا في قولنا في خبر الواحد ولا فرق . قلنا لهم وبالله التوفيق : بين الامرين فروق واضحة كوضوح الشمس . أحدهما : أن الله تعالى قد تكفل بحفظ الدين وإكماله ، وتبينه من الغي ومما ليس منه . ولم يتكفل تعالى قط بحفظ دمائنا ، ولا بحفظ فروجنا ، ولا بحفظ أبشارنا ولا بحفظ أموالنا في الدنيا . بل قدر تعالى بأن كثيرا من كل ذلك يؤخذ بغير حق في الدنيا . وقد نص على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من الآخر فأقضي له على نحو ما أسمع ، فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من النار وبقوله عليه السلام للمتلاعنين : الله يعلم أن أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب أو كما قال عليه السلام في كل ذلك . والفرق الثاني : أن حكمنا بشهادة الشاهد وبيمين الحالف ، ليس حكما بالظن كما زعموا ، بل نحن نقطع ونبت بأن الله عز وجل افترض علينا الحكم بيمين الطالب مع شهادة العدل ، وبيمين المدعى عليه إذا لم يقم بينة ، وبشهادة العدل والعدلين والعدول عندنا ، وإن كانوا في باطن أمرهم كذابين أو واهمين والحكم بكل ذلك حق عند الله تعالى ، وعندنا مقطوع على غيبه ، برهان ذلك : أن حاكما لو تحاكم إليه اثنان ولا بينة للمدعي ، فلم يحكم للمدعى عليه باليمين ، أو شهد عنده عدلان فلم يحكم بشهادتهما . فإن ذلك الحاكم فاسق عاص لله عز وجل ، مجرح الشهادة ظالم ، سواء كان المدعى عليه مبطلا في إنكاره أو محقا ، أو كان
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 118